أيصِحُّ صبَّارٌ ولا صبْرٌ له **** ويصِحُّ شكَّارٌ
بلا شُكْرانِ
ويصحّ علاَّمٌ ولا عِلْمٌ له **** ويصِحُّ غفَّارٌ
بلا غُفرانِ
ويقال هذا سامِعٌ أو مبصِرٌ **** والسَّمعُ
والإبصارُ مَفقودانِ
****
هل يصِحُّ أن يُقالَ: فلانٌ صبَّارٌ وهو لا يصبِرُ، هذا
لا يُمكِنُ، هل يُقالُ: شكَّارٌ للنِّعَمِ وهو لا يشكُرُ وإنَّما غيرُه الذي
يشكرُ، هذا غيُر صحيحٍ.
يقولُ الجهميَّةُ: غفَّار؛ لأنَّه خلَقَ المغفِرَةَ،
وعلاَّمٌ؛ لأنَّه خلَقَ العِلمَ في غيرِه، هذا باطِلٌ بل يُقالُ: غفَّارٌ؛ لأنَّه
يغفِرُ، ويُقالُ: علاَّمٌ؛ لأنَّه يعلَمُ الغيبَ سبحانه وتعالى فلا يُطلَقُ
الوَصْفُ إلا على منِ اتَّصَفَ به ولا يُوصَفُ بما هو خارجٌ عنهُ.
أي: لا يقالُ هذا لمَن ليسَ عندَه سَمعٌ ولا بَصْرٌ، بل لأنَّه هو الَّذي خلَقَ الأسْماعَ والأبصارَ في المخلوقينَ، بل يُقالُ: اللهُ سميعٌ لأنَّه ذو سَمْعٍ، وبصيرٌ لأنَّه ذو بصرٍ، يرى ويُبصِرُ، والمخلوقُ أيْضًا يَرَى ويُبصِرُ ويَسْمَعُ ولكن لا تَشَابُهَ بينَ صِفاتِ الخالقِ وصفاتِ المخلوقِ، فليسَ سمْعُ المخلوقِ مثْلَ سمْعِ الخالقِ، وليسَ علمُ المخلوقِ مثْلَ علمِ الخالِقِ، وهكذا في سائِر الصِّفاتِ: ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ﴾ ثمّ قال: ﴿وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11].