×
التعليق المختصر على العقيدة النونية الجزء الأول

ونظيرُ ذا إخوانِ هذا مُبصِرٌ **** وأخوه معدودٌ منَ العُميانِ

سمَّيتُمُ الأعْمَى بصيرًا إذْ أخو **** هُ مُبصِرُ وبِعكْسِه في الثَّاني

فلئِنْ زعَمْتُم أنَّ ذلك ثَابتٌ **** في فِعْلِه كالخَلْقِ للأكْوَانِ

والفِعْلُ ليسَ بقائمٍ بإِلَهِنا **** إذْ لا يكونُ محلَّ ذي حِدْثانِ

****

هذا مِثالٌ يُوَضِّحُ بُطلانَ قوْلِهم: إذا كان أخوانِ، أحدُهما مُبصِرٌ والآخَرُ أعْمَى فلا يُقالُ للأعْمَى: إنَّه مُبْصِرٌ؛ لأنَّ أخاهُ مُبصرٌ، هذا محالٌ؛ لأنَّ البَصرَ قامَ بغيرِه، هذا خلافُ مقْتَضَى اللُّغةِ، ومُقْتَضى القرآنِ، ومُقْتَضَى السُّنَّةِ، ومقتضى العقولِ، ومقتَضَى كلِّ الأدِلَّةِ؛ لأنَّه جعَلَ في خلْقِه الكلامَ.

يُمكِنُ أنْ يَحْتَجَّ الجهميَّةُ فيقولونَ: يُوصَفُ اللهُ سبحانه وتعالى بأنَّه خالِقٌ؛ لأنَّه خَلَقَ الموجوداتِ، وليسَ معنى ذلك أنَّ الخلْقَ حالٌّ في ذاتِه، فيقالُ لهم: هناكَ فَرْقٌ بينَ هذا وهذا، هناكَ فَرْقٌ بينَ الشَّيْءِ الموجودِ خارِجًا عنْ ذاتِ اللهِ سبحانه وتعالى والشَّيْءُ المَوْجودُ في ذاتِ اللهِ سُبحانه منَ الصِّفاتِ، فالأعْيانُ مَوجودَةٌ خارِجَ ذاتِ الرَّبِّ سبحانه وتعالى، أمَّا صِفَةُ الخلْقِ والإيجادِ والتقْديرِ فهي قائِمَةٌ بذاتِ اللهِ سبحانه وتعالى.


الشرح