فانْظُرْ إِلَى التَّلْبِيسِ في ذَا الفَرْقِ تَرْ
**** وِيجًا عَلَى
العُورانِ والعُمْيَانِ
مَا قَالَ ذُو عَقْلٍ بأنَّ الفَرْدَ ذُو **** أَزَلٍ لِذِي
ذِهْنٍ وَلاَ أَعْيَانِ
بَلْ كُلُّ فَرْدٍ فَهْوَ مَسْبُوقٌ بِفَرْ **** دٍ قَبْلَهُ
أَبَدًا بِلا حُسْبَانِ
وَنَظِيرُ هَذَا كُلُّ فَرْدٍ فَهوَ مَلْـ **** ـحُوقٌ بِفَرْدٍ
بَعْدَهُ حُكْمَانِ
****
لا دليل عليه،
ولا فرق بينهما، فإذا جاز في أفعال الله أن تستمرَّ في المستقبل بلا نهاية جازَ أن
تكون في الماضي بلا بداية.
حيثُ إنَّهم فرَّقوا بين التسلسل في المستقبل؛ فأثبتوه،
وفي الماضي؛ فنفَوْهُ، فهذا تلبيس على العُميان والعُوران الَّذين يُصدِّقونهم في
هذا التناقض؛ لأنهم قَصِيرُو النَّظر، أمّا أهل العلم والبصيرة فهم يُكذِّبون هذا
الفرق، ويقولون: لا فرْق.
أعيان هذا الكون ما قال أحد: إنها قديمة إلاَّ الفلاسفة
الملاحدة، أمّا الجنس فهو قديم وأزلي بقِدَم أفعال الله، لكن أفراد المخلوقات
حادثة بعد أن لم تكن، وليست أزلية، فكل فرد هو مسبوقٌ بفردٍ مثله، مثل الوالد
والولد والحفيد، أفراد متعاقبة بعضها سابق لبعض، كذلك المخلوقات من هذا النوع.
كما أن الفردَ مسبوق بفردٍ فهو أيضًا ملحوقٌ بفرد؛ فالأبُ مسبوقٌ بالجَدِّ وجَدِّ الجَدِّ، وملحوقٌ بالابنِ وابنِ الابنِ... إلى آخره.