وَلِذَاكَ قَالَ مُحَقِّقُ القَوْمِ الَّذي **** رَفَعَ
القَواعِدَ مُدَّعِي العِرْفانِ
هُوَ عَيْنُ هَذا الكَوْنِ لَيْسَ بِغَيْرِهِ **** أنَّى وَلَيْسَ
مُبَايِنُ الأكْوانِ
****
وهو قريب من قول
الاتحاديَّة. وإن قلتم: إنّه خارجٌ عنها، فأين هو؟ إنْ قُلتم: إنه فوقها فهذا هو
المطلوب، ويكونُ الله عز وجل بائنًا من خلقه فوق سماواته عالٍ على مخلوقاته سبحانه
وتعالى، وإن نفيتم علوَّه فهذا باطل مخالف للأدلة السمعيَّة والعقليَّة، هذه ثلاثة
أقوال لا بُدَّ منها، أمَّا القول بوَحدة الوجود، فهذا كُفْر وإلحادٌ، أو القول
بالحلولِ، فهذا كُفر وإلحادٌ أيضًا، أو القول بالعُلُوّ، وأنّ الخالق جل وعلا
بائنٌ من خلقه، وهذا هو الحقُّ، أو تقولونَ بنفي العلُو، وتقعون في الباطل، فإن
قلتم: نحن، نقول: لا هو داخل العالم ولا هو خارج العالم، قلنا: هذا محال؛ لأن
الشيء الَّذي غير داخل في العالم ولا خارج عنه غير موجود، كلُّ موجود فلا بُدَّ
إمّا أن يكون داخل العالم أو خارج العالم، أمّا افتراض شيء، لا داخل العالم ولا
خارج العالم، فهو مُحال؛ لأن هذا هو المعدوم.
وهو ابن عربي قال: لا انقسامَ بين الخالقِ والمخلوق،
كلُّه هو الله، وقوله: «رفع القواعد» أي: قواعد الكُفْر والإلحاد.
يقول ابن عربي: هذا الكون ليس فيه خالق ولا مخلوق؛ لأنَّنا إن قلنا: فيه خالق ومخلوق صار هذا شِرْكًا، والله لا شريك له.