أيَصِحُّ فِي المَعْقُولِ يَا أَهْلَ النُّهَى **** ذَاتانِ لاَ
بِالغَيْرِ قائِمَتانِ
لَيْسَتْ تُبايِنُ مِنْهُمَا ذَاتٌ لأِخْـ **** ـرَى أَوْ
تُحاسِيها فَيَجْتَمِعَانِ
إِنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا مُحالٌ فَهوَ ذَا **** فَارْجِعْ إِلَى
المَعْقُولِ وَالبُرْهَانِ
فَلَئِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّ ذَلِكَ فِي الَّذي **** هُوَ قَابِلٌ
مِنْ جِسْمٍ أَوْ جُثْمَانِ
****
إذا كان هناك
موجودان في الخارج، فلا بُدَّ إما أن يكون أحدهما داخلاً في الآخر، أو يكون خارجًا
عنه، أمّا أن يُقال: شيئان موجودان ليس أحدهما داخلاً في الآخر ولا خارجًا عنه،
فهذا محال.
يقولون: هذا الَّذي ذكرتم أنه محال إنما يكون في الشيء القابل، أمَّا ذات الرب سبحانه وتعالى فلا توصف بأنها قابلة لهذا الشيء بحيث إذا نُفي عنها لَزِمَ المُحال، فنقول لهم: هذا أشدُّ من الأول، فإنّ الشيء القابل أحسنُ حالاً من الشيء غير القابل، فإنسان أعمى، هو قابل للبصر أحسن من الجماد الَّذي ليس بقابلٍ للبصر، فأنتم شبهتم الله بالجماد الَّذي هو غير قابل، ففررتم من شيءٍ ووقعتم في شيءٍ شرٍّ منه، وهكذا الَّذي يسير على غير دليل من الكتاب والسنة يفرُّ من شيء ويقع في شيءٍ شرٍّ منه ولا عصمة إلا بالكتاب والسنة.