لَيْسَتْ تَدُلُّ عَلَى انْحِصَارِ إِلَهِنَا **** عَقْلاً وَلاَ
عُرْفًا وَلاَ بِلِسَانِ
****
سَمِعوا النصوص المُحْكَمة استوحشوا، وَتَهَيَّبُوا
لفسادِ فِطرتهم، أمّا أهل الإيمان فإنّهم يُقابلون هذه النصوص بالرضا والتسليم،
ولا يشكُّون فيها؛ لأنّها كلام الله سبحانه وتعالى، وهو أعْلَمُ بنفسِه سبحانه،
ورسولُه هو أعلمُ الخلقِ بِرَبِّهِ عز وجل، فالَّذي يكون عِنده شكٌّ فيها معناه:
أنّه لا يَثِقُ بكلام الله ولا بكلامِ الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو دليلٌ على
ضلاله وانحرافه.
هَذَا رَدٌّ عَلَى أَهْلِ الضَّلاَلِ الَّذينَ يَقُولُونَ: لَوْ أَثْبَتْنَا مَا فِي هَذِهِ النُّصُوصِ لَصَارَ اللهُ فِي جِهَةٍ تَحْوِيهِ مِنَ المَخْلُوقَاتِ، فَنَقُولُ: كَلَّا، فَاللهُ جلَّ وَعَلاَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، وَلاَ يَلْزَمُ مِنَ العُلُوِّ أَنْ يَكُونَ حَالًّا فِي سَمَوَاتِهِ؛ لأنّهُ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهَذِهِ المَخْلُوقات بالنسبة له ليست بشيء، وكيف تُقِلُّه أو تُظِلُّهُ؛ ولهذا يقولُ شيخ الإسلام في العقيدةِ الواسطيَّة: «مَنْ ظَنَّ، أَنَّ مَعْنَى قولِ الله: ﴿مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ﴾ [الملك: 16] أنّ السماء تُظلُّه أو تُقِلُّه فهذا باطلٌ بإجماع أهل العلم والدين». فليس معنى أنَّهُ في السَّماءِ أنَّ السماءَ تُقِلُّه كما يُقِل الراكبُ مَرْكوبه، أو تُظلُّه كما يكون الإنسان مَحويًا في منزلٍ أو تحت سطح، حاشا وكلا بالنسبة لله عز وجل، فليس هو حالًّا في مخلوقاته، وليست مخلوقاته بالنسبة إليه بشيء، وليست تُمسِكُه أو هو محتاجٌ إليها، بل هو الَّذي يُمسِكُها، وهي المُحتاجة إليه، فليس معنى أنّه في السماء: أنّه محتاجٌ إلى السماء، بل السماء محتاجةٌ إليه، وهو الَّذي يُمسكُها سبحانه وتعالى بقدرته وعلمه، فالعقل لا يتصور بأنّ السماء تُقلُّه أو تُظِلُّه.