×
التعليق المختصر على العقيدة النونية الجزء الأول

مَا ذَاكَ يَنْقِمُ بَعْدُ ذُو التَّعْطِيلِ مِنْ  ****وَصْفِ العُلُوِّ لِرَبِّنَا الرَّحْمَنِ

أَيَرُدُّ ذُو عَقْلٍ سَلِيمٍ قَطُّ ذَا **** بَعْدَ التَّصَوُّرِ يَا أُولِي الأَذْهَانِ

****

ما دام أنه قد تبين هذا المعنى، وتوضَّح من كلام الله وكلام رسوله ومن لُغة العرب، فما الَّذي ينقِمُه المُعَطِّل الَّذي ينفي العُلُوَّ مِمَّنْ يُثْبِتُ العُلُوَّ كما أثبتَهُ اللهُ لِنفسه وأثبتَهُ له رسولُه؟ وما هي شُبهتُه، ليس له شُبهة.

لا يَردُّ إثباتَ العلُوِّ أصحابُ العقولِ السَّلِيمة، وإنّما يردُّهُ أصحابُ العقول غيرِ السَّليمةِ المُتلوثة بفكرةِ التَّعطيل والتَّشْبيه، أمَّا مَن يؤمن بعظمة الله وإحاطته، وأنَّ المخلوقاتِ كُلَّها بالنسبة إليه ليست بشيءٍ، وأنها محتاجةٌ إليه، وهو ليس محتاجًا إليها، إذا تصوَّر الإنسان هذا زالَ عنه الإشكال، لكن حينما لا يتصوَّر هذا، ويظن أنه إذا قيل: إنه فوق الخلق صار مُحتاجًا إلى أنّ السماوات تُقِلُّهُ أو تُظِلُّهُ فهذا فاسِدُ التَّصوُّر، وإنّما أُتِيَ مِن فسادِ تصوُّره ومن أنه لم يَقْدُرِ اللهَ حقَّ قدرِهِ، كما قال تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦٓ الآية [الأنعام: 91] فلمّا لم يَقْدِرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ: عَطَّلُوا أسماءَه وصفاتِه، ومنها: العُلُوّ.


الشرح