وَلِذَاكَ قَالَ مُحَقِّقٌ مِنْكُمْ لأَِهْـ **** ـلِ الاعْتِزَالِ
مَقَالَةً بأمَانِ
مَا بَيْنَنَا خُلْفٌ وَبَيْنَكُمْ لِذِي التْـ **** تَحْقِيقِ فِي
مَعْنى فَيا إِخْوَانِي
شُدُّوا بِأَجْمَعِنَا لِنَحْمِلَ حَمْلَةً **** نَذَرُ
المُجَسِّمَ فِي أَذَلِّ هَوَانِ
****
يقول أحدُ
الأشاعرة الَّذين يُثْبِتُون الرُّؤيةَ لا في جهة للجهمية والمعتزلة الَّذين ينفون
الرؤية مطلقًا: تعالوا نعقد صلحًا بيننا وبينكم نقوم بموجبه بمحاربة أهل السنة
الَّذين يقولون بإثبات الرؤية في جهة العلو؛ إذ لا فرقَ بيننا وبينكم فنحنُ
إخوانٌ، فدَعُونا نحارب أعداءَنا أهلَ السُّنَّةِ؛ لأنهم يُثْبِتُون الرؤيةَ في
جهةِ العُلُوِّ، وهذا تجسيمٌ؛ لأنه لا يُرى إلا الأجسام. فهم يصفون أهلَ
السُّنَّةِ بالمُجَسِّمَة،؛ لأنّ هذه الصفاتِ عندهم لا تَثْبُتُ إلا لجسمٍ، واللهُ
منزَّهٌ عن الجسمِ؛ فلذلك نَفَوُا الصفاتِ، والتجسيمُ لفظٌ ابتدعوه هم؛ لأن الجسم
لم يَرِد نفيُه ولا إثباتُه في الكتاب والسُّنَّةِ، فنحن لا ندخل في ذلك لا نفيًا
ولا إثباتًا إلا أنَّنا نُثبت الصفاتِ لله سبحانه وتعالى.
فيقولُ هذا الأشعريُّ للمعتزلة: دعونا نتعاون على أهل السنة المجسمة الَّذين يُثبتون الصفات. وهذا يُشبه القاعدة الذهبية التي يُرددها بعض الجماعات الحزبية الآن، ويقولون: نتعاون فيما اجتمعنا عليه، ويعذر بعضُنا بعضًا فيما اختلفنا فيه.