وَكَذَاكَ نَقْطَعُ أَنَّهُمْ جَاؤُوْا بِتَوْ **** حِيْدِ الإِْلَهِ
وَمَا لَهُ مِنْ ثَانِي
وَكَذَاكَ نَقْطَعُ أَنَّهُمْ جَاؤُوْا بِإِثْـ **** ـبَاتِ
الْقَضَاءِ وَمَا لَهُمْ قَوْلاَنِ
فَالرُّسُلُ مُتَّفِقُونَ قَطْعًا فِي أُصُو **** لِ الدِّينِ
دُوْنَ شَرَائِعِ الإِْيْمَانِ
****
نقطع بأَنَّ
الرُّسُلَ جَاؤُوْا بإِثْبات التَّوحيد ونفْيِ الشِّرْك، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ
بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ﴾ [النحل: 36] ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا
نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 25] كلُّ الرُّسُل جَاؤُوْا بإِثْبات
التَّوحيد وهو إِفْرادُ اللهِ بالعبادة والنَّهْيُ عن الشِّرْك وهو عبادةُ غيْرِ
الله.
وكذلك نقطع بأَنَّهم جَاؤُوْا بإِثْبات القَضَاءِ
والْقَدَرِ. والإِيْمانُ به ركنٌ مِن أَرْكان الإِيْمان، وهو الإِيْمانُ بأَنَّ ما
جَرَى وما يَجْرِي في هذا الكونِ فهو بقَضَاءِ الله وقَدَرِه، وأَنَّ اللهَ علِمَه
وكَتبَه وقدَّرَه وأَوْجَده.
الرُّسُلُ مُجْمِعون على التَّوحيد ونفْيِ الشِّرْك وأُصُولِ الإِيْمان، وأَمَّا الشَّرائِعُ العَمَلِيَّةُ فإِنَّها مُخْتلِفةٌ، فالله تَعَالَى يَشْرَعُ لكلِّ أُمَّةٍ ما يُناسبُها كما قال تعالى: ﴿لِكُلّٖ جَعَلۡنَا مِنكُمۡ شِرۡعَةٗ وَمِنۡهَاجٗاۚ﴾ [المائدة: 48] فالشَّرائِعُ العمليَّةُ مُخْتلِفةٌ لكِنْ كلُّها تشريعٌ مِن الله سبحانه وتعالى، يشْرَعُ لكلِّ أُمَّةٍ ما يُناسبُها ويَنْسَخُ مِنْها ما يَشَاءُ، وأَمَّا أُصُولُ الإِيْمان باللهِ والملائِكَةِ واليومِ الآخِر والكِتابِ والنَّبِيِّيْن فهذه ليستْ محلَّ اخْتلافٍ بيْنَهم، هُمْ مُتَّفِقون عليها.