×
التعليق المختصر على العقيدة النونية الجزء الأول

 والمعتزلة يقولون: أَصْحابُ الكبائِر خارجون مِن الإِيْمان وغيرُ داخلين في الكُفْر، هُمْ بمنزلةٍ بيْن المنزلَتَيْنِ وإِذَا ماتُوا على ذلك فهم مُخلَّدُون في النَّار.

والأَمْرُ بالمعروف والنَّهْيُ عن المُنْكَر يريدون به: الخروجَ على وُلاَة المسلمين إِذَا ظُلِمُوا أَوْ جارُوا مع أَنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن ذلك، وأَمَرَ بطاعتهم والْتِزامِ بَيْعَتهم ما لَمْ يرتكبوا كُفْرًا بَوَاحًا، فما داموا لَمْ يرتكبوا كُفْرًا مُخْرِجًا مِن المِلَّة وإِنَّما ارْتَكَبوا كبائِرَ دون الكُفْر فإِنَّ طاعتَهم واجبةٌ وباقيةٌ، ويجب الصَّبْرُ على ظُلْمهم وجَوْرِهم لأَجْل جَمْعِ الكَلِمَة ودَرْءِ المَفْسَدة ومَنْعِ حدوث الفِتَن، لكنَّ المعتزلةَ يقولون: الخروجُ عليهم إِذَا ظَلَمُوا أَو فَسَقُوا هو مِن الأَمْر بالمعروف والنَّهْيِ عن المُنْكَر، وهذا باطلٌ وهو المُنْكَر بعيْنِه؛ لأَنَّه هو الذي نَهَى عنه الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم وأَمَرَ بالسَّمْع والطَّاعةِ وإِنْ جَارُوا وظَلَمُوا وارْتَكَبُوا ما يقتضي فِسْقًا، وذلك لأَنَّ الخروجَ عليهم في هذه الحالةِ يُسبِّب شرورًا على المسلمين وضياعًا للدِّين، ويُفرِّق الكَلِمَةَ ويُسلِّط الأَعْداءَ، فالمفسدة التي تحصل في الخروج عليهم أَعْظَمُ مِن المفسدة التي في طاعتهم والصَّبْرِ على ظُلْمِهم وفِسْقِهم وجَوْرِهم، وجَاءَ الدِّينُ بارْتكاب أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ لدفْع أَعْلاَهُما، هذه قاعدةٌ عظيمةٌ مُجْمَعٌ عليها.


الشرح