×
التعليق المختصر على العقيدة النونية الجزء الأول

ثانيًا: أَنَّهم لمْ يُحيطوا بكلِّ ما جَاءَ عن الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وإِذَا قُدِّر أَنَّ أَحَدًا منهم يُخْطِئُ فله عُذرُهُ كما بيَّن ذلك شيْخُ الإِسْلام ابْنُ تَيْمِيَّةَ في رسالة: «رفْع الملام عن الأَئِمَّة الأَعْلام» ومجامعُ الأَعْذار لهم:

أولاً: أَلاَّ يكونَ النَّصُّ قدْ بَلَغَهم؛ لأَنَّهم لمْ يُحِيطوا بكلِّ النُّصُوص، مَهْمَا بَلَغُوا مِن الحِفْظ، لا أَحَدَ يدَّعِي ذلك.

ثانيًا: أَنْ تكونَ هذه النُّصُوصُ قدْ بَلَغَتْهم ولكنْ خَالَفُوا هُمْ لأَنَّهم يرون أَنَّها لمْ تَثْبُتْ عندهم بحَسَب اجْتهادِهم وقد ثَبَتَتْ عند غيرهم، وهذه فائدةٌ عظيمةٌ: أَنَّه ليس كلُّ حديثٍ يقول فيه عالمٌ مِن العلماء: إِنَّه ضعيفٌ يجب أَنْ يكونَ ضعيفًا في نفس الأَمْر، قدْ يكون صحيحًا لكنْ لم يتوصَّلْ هُوَ إِلَى تصحيحه، ويكون العالمُ الآخَرُ قدْ توصَّل إِلَى تصحيحه بالطُّرُقِ المعروفةِ، ومَن ثَبَتَ عنده النَّصُّ لمْ يجُزْ له أَنْ يُخالِفَه.

ثالثًا: أَنْ يكونَ قدْ بَلَغَهم النَّصُّ وثَبَتَ عندهم ولكنْ يرون أَنَّه لا يتناول هذه المسْأَلَةَ التي أَخْطَؤُوْا فيها؛ لأَنَّ عمومَه قاصرٌ عنها، فلا يرون أَنَّها داخلةٌ في النَّصِّ، في حين أَنَّها ظهرتْ لبعض العلماءِ أَنَّها داخلةٌ وأَنَّ النَّصَّ يتناولها.

رابعًا: أَنْ يكونَ النَّصُّ قدْ بَلَغَهم وثَبَتَ عندهم ورَأَوْا أَنَّه عامٌّ لهذه المسْأَلَةِ، ولكنْ بَدَا لهم أَنَّه منسوخٌ بدليلٍ آخَرَ، أَوْ أَنَّه مُطْلَقٌ وهناك دليلٌ يُقيِّده، ولمْ يظهر للآخَرِين نسخُه ولا تقْيِيْدُه، فلذلك اخْتَلَفُوا، فالعِبْرَةُ بما قَامَ عليه الدَّليلُ مِن أَقْوالِهم، وهذه أَعْذارُهم التي يُعتذَر لهم بها، وقدْ يكونون مُصِيْبِينَ في نفس الأَمْرِ، وقدْ يكونون مُخطِئِيْنَ والصَّوابُ مع


الشرح