بَلْ لَيْسَ يُؤْمِنُ غَيْرُ مَنْ قَدْ حَكَّمَ
الْـ**** ـوَحْيَيْنِ حَسْبُ فَذَاكَ ذُو إِيْمَانِ
هَذَا وَمَا ذَاكَ الْمُحَكِّمُ مُؤْمِنًا **** إِنْ كَانَ ذَا
حَرَجٍ وَضِيقِ بَطَّانِ
هَذَا وَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ حَتَّى يُسَلْـ **** لِمَ لِلَّذِي
يَقْضِي بِهِ الْوَحْيَانِ
****
فدلَّتِ الآيةُ على أَنَّه لا يُؤْمِنُ إِلاَّ مَنْ قدْ
حكَّم الوَحْيَيْنِ، أَمَّا مَنْ حكَّم غيرَهما فقدْ حكَّم الطَّاغُوتَ سواءٌ
سمَّاه قانونًا أَوْ سمَّاه نِظَامًا أَوْ أَيَّ اسْمٍ فهو الطَّاغُوتُ،
فالأَسْماءُ لا تُغيِّر الحقيقةَ.
ولا يكفي التَّحكيم أَيْضًا، لصِحَّة الإِيْمان حتَّى
يُضِيفَ إِلَى التَّحكيم نَفْيَ الْحَرَجِ مِنْ نفْسه؛ لأَنَّه يمكن أَنْ يتحاكم
إِلَى القُرْآنِ وهو كارهٌ مِن باب المُجامَلَة أَوْ مِن باب المُخادَعَة، وليس في
قلبه انْشِراحٌ لحُكْم الله ورُسُولِه، فهذا وإِنْ تَحَاكَمَ إِلَى الشَّرع ولمْ
ينشرحْ صدرُه بذلك فإِنَّه لا يكون مُؤْمِنًا، فلا بُدَّ لصِحَّة الإِيْمان مِن
ثلاثة أَشْياء:
الأَوَّلِ: تحكيمُ
الشَّرع.
الثَّاني: عدمُ الْحَرَجِ من ذلك.
الثَّالثِ: التَّسْليمُ والاِنْقيادُ، فإِنْ فُقِد شرطٌ مِن هذه الثَّلاثةِ لمْ يكن الإِنْسانُ مُؤْمِنًا.