أَعْنِي أَبَا الْعَبَّاسِ نَاصِرَ سُنَّةِ الْـ **** ـمُخْتَارِ
قَامِعَ سُنَّةِ الشَّيْطَانِ
وَاللهِ لَمْ يَكُ ذَنْبُهُ شَيْئًا سِوَى **** تَجْرِيْدِهِ
لِحَقِيْقَةِ الإِْيْمَانِ
إِذْ جَرَّدَ التَّوحِيْدَ عَنْ شِرْكٍ كَذَا **** تَجْرِيْدُهُ
لِلْوَحْيِ عَنْ بُهْتَانِ
****
وقوله: «شيخ
الوجود». يعني شيْخَ الإِْسْلاَمِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ فهو شيْخُ الوجود في
وقْته رحمه الله، فهو أَعْلَمُ أَهْلِ زمانِه، يدلُّ على هذا غَزَارَةُ علْمِه
ومُؤَلَّفاتِه، وأَنَّه فَاقَ أَقْرَانَه في وقْتِه في العِلْمِ والتَّحْقِيقِ
والإِْدْرَاكِ، وكذلك من باب أَوْلَى مَنْ جَاءَ بعده، لا أَحَدَ يُساويه ولا أَحَدَ
يُقارِبه، وذلك فضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ، وقوله: «الحَرَّانِي»:
نِسْبةٌ إِلَى حَرَّانَ شِمَالَيْ الشَّام لأَنَّه وُلِد فيها.
فشيْخُ الإِسْلامِ هو نَاصِرُ سُنَّةِ الْمُخْتارِ،
وقامِعُ سُنَّةِ الشَّيْطانِ التي هي الشِّرْكُ والإِلْحادُ والكُفْرُ والبِدْعةِ،
لقدْ قام بمُقاوَمَةِ هذه الأُمُورِ وأُوذِيَ في هذا وسُجِنَ ومُنِعَ عن المِدادِ
والقِرْطاسِ لِئَلاَّ يكْتُبَ وهو في السِّجْن، وتوفَّاه اللهُ وهو في السِّجْن،
كان يكْتُب رحمه الله العِلْمَ وهو في السِّجْن حتَّى لمَّا رَأَوْا ذلك مَنَعُوا
عنْه الْقَلَمَ والقِرْطاسَ فصَارَ يكْتُب بالفَحْمِ على الجُدْرَانِ رحمه الله،
وذلك مِن حِرْصه على بيان الحقِّ وإِظْهارِه.
هذا شيءٌ معلومٌ مِن كتُبِه التي أَصْبحتْ وللهِ الحَمْدُ منارةً يُهتدى بها، وأَمَّا خُصُومُه فمَاتُوا ومَاتَتْ أَخْبارُهم، وكتُبُهُمْ عليها الآن الغُبارُ لأَنَّه ليس فيها خيرٌ.