وَلِذَاكَ نَزَّهَ نَفْسَهُ سُبْحَانَهُ **** عَنْ أَنْ
يَكُونَ لَهُ شَرِيْكٌ ثَانِ
أَوْ أَنْ يَكُونَ لَهُ ظَهِيرٌ فِي الْوَرَى **** سُبْحَانَهُ عَنْ
إِفْكِ ذِي بُهْتَانِ
أَوْ أَنْ يُوَلِّيَ خَلْقَهُ سُبْحَانَهُ **** مِنْ حَاجَةٍ
أَوْ ذِلَّةٍ وَهَوَانِ
****
نزَّهَ نفسَه عن الشَّريك وعن الظَّهير وهو المُعين، ونزَّهَ نفسَه عن أَنْ يتَّخذ وليًّا من الذُّلِّ، كما في قوله سبحانه وتعالى في آخِر سورة الإسراء: ﴿وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ وَلِيّٞ مِّنَ ٱلذُّلِّۖ وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِيرَۢا﴾ [الإسراء: 111]. فقولُه تعالى: ﴿وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ وَلِيّٞ مِّنَ ٱلذُّلِّۖ وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِيرَۢا﴾ [الإسراء: 111]. يعني: لا يحتاج إِلَى وليٍّ يُعينه ويُدافع عنه كما يحتاج المخلوقُ إِلَى من يدفع عنه الذُّلَّ، ولكنَّ له أَوْلياءً مِنْ عباده بمعنى: أَنَّه يُحبُّهم ويُقرِّبُهم، وهذا كمالٌ وفضْلٌ منه سبحانه وتعالى، لا أَنَّه بحاجةٍ إِلَيهم فأَوْلِيَاؤُهُ في المحبَّة والنُّصْرةِ والمُوالاةِ والتَّأْيِيْد، لا لأَنَّه بحاجةٍ إِلَيهم، ولكنَّهم هُمُ المُحْتاجون إِلَيه سبحانه وتعالى، فلا يجوز أَنْ تقولَ: ليس لله وليٌّ مطلقًا، بلْ تقول: ليس لله وليٌّ مِن الذُّلِّ بهذا القَيْد كما في القرآن، فاللهُ تَعَالَى له مِنْ عباده أَوْلياءٌ يُحبُّهم ويحبُّونه ويُكرمُهم سبحانه وتعالى، لكنْ ليس لحاجته إِلَيهم وإِنَّما هذا تفضُّلٌ منه سبحانه وتعالى وتكرُّمٌ منه سبحانه وتعالى، لمَّا أَطَاعُوهُ وتقرَّبوا إِلَيه تَقَرَّبَ إِلَيهم وأَحَبَّهُمْ، وهذا مِن باب الجزاءِ على أَعْمالهم؛ لأَنَّه سُبْحانَهُ عدلٌ لا يظلمُ أَحَدًا، بلْ هو مُتفضِّلٌ، يزيد على ما يستحقُّه العاملُ أَضْعافًا مُضاعفةً، يعطي على العملِ القليلِ الشَّيْءَ الكثيرَ سبحانه وتعالى، يُضاعفُ لمَنْ يشاءُ تكرمًا منه سبحانه وتعالى.