×
التعليق المختصر على العقيدة النونية الجزء الأول

وَلَقَدْ أَتَى التَّنْزِيهُ عَمَّا لَمْ يُقَلْ **** كَيْ لاَ يَدُورَ بِخَاطِرِ الإِْنْسَانِ

فَانْظُرْ إِلَى التَّنْزِيهِ عَنْ طُعْمٍ وَلَمْ **** يُنْسَبْ إِلَيهِ قَطُّ مِنْ إِنْسَانِ

وَكَذَلِكَ التَّنْزِيْهِ عَنْ مَوْتٍ وَعَنْ **** نَوْمٍ وَعَنْ سِنَةٍ وَعَنْ غَشْيَانِ

وَكَذَلِكَ التَّنْزِيْهُ عَنْ نِسْيَانِهِ **** الرَّبُّ لَمْ يُنْسَبْ إِلَى نِسْيَانِ

****

 نزَّهَ نفْسَه عمَّا قيل من النَّقْص والعَيْبِ ونزّهَ نفْسَه عمَّا لم يُقَل، مثل قوله تعالى: ﴿وَهُوَ يُطۡعِمُ وَلَا يُطۡعَمُۗ [الأنعام: 14] فلا أَحَدَ قال مِن الخلْق إِنَّ اللهَ يُطعَم ولكنَّه نزَّهَ نفْسَه عن ذلك.

قال تعالى: ﴿لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٞ وَلَا نَوۡمٞۚ [البقرة: 255]، السِّنَةُ: أَوَّلُ النَّوم، والنَّومُ هو المستغرقُ فنزَّه نفسَه عن النَّوم بجميع أَنْواعه، الخفيفِ والثَّقيلِ، ونزَّه نفسَه عن الموت، فقال: ﴿وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱلۡحَيِّ ٱلَّذِي لَا يَمُوتُ [الفرقان: 58] وذلك لكمال لحياتِه، أَمَّا الحيُّ الذي ينام، أَوْ تَأْخُذُه السِّنَةُ فهذا دليلٌ على نقص حياتِه، كذلك من باب أَوْلَى الحيُّ الذي يَعْتَرِيهِ الموتُ والفَناءُ، هذا دليلٌ على نقص حياتِه.

هذه أُمُورٌ لمْ يَقُلْ أَحَدٌ بها في حقِّ الله، لمْ يَقُلْ أَحَدٌ: إِنَّ اللهَ يموت وإِنَّ اللهَ ينام لا مِن الأَوَّلين ولا مِن الآخِرين، ومع هذا نزَّهَ نفْسَه عن هذه الأَشْياءِ، وكذلك النِّسْيانُ لمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِن الخلق: إِنَّ اللهَ ينسى؛ وذلك لكمال تنزيهه سبحانه وتعالى مِن كلِّ نقْصٍ، سواءٌ قِيلَ في حقِّه أَوْ لمْ يُقَلْ.


الشرح