وَحَكَى مَقَالَةَ قَائِلٍ مِنْ قَوْمِهِ **** أَنَّ
الْعُزَيْرَ ابْنٌ مِنَ الرَّحْمَنِ
****
لكنَّ هذه صفةُ
اليَهُودِ، يريدون أَنْ ينتصروا ولو بالباطل، واللهُ تعالى أَنْزل قولَه: ﴿لَّقَدۡ سَمِعَ
ٱللَّهُ قَوۡلَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٞ وَنَحۡنُ أَغۡنِيَآءُۘ
سَنَكۡتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتۡلَهُمُ ٱلۡأَنۢبِيَآءَ بِغَيۡرِ حَقّٖ وَنَقُولُ ذُوقُواْ
عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ ١٨١ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ
بِظَلَّامٖ لِّلۡعَبِيدِ ١٨٢﴾
[آل عمران: 181- 182] فاللهُ ذَكَرَ هذه المقالةَ مع أَنَّه ما قالها إِلاَّ واحدٌ
مِن اليَهُودِ فدلَّ ذلك على تنزيه الله سُبْحَانَهُ عن كلِّ نقْصٍ ولو لمْ يَقُلْ
به إِلاَّ واحدٌ مِن النَّاس.
كذلك قالتِ اليَهُودُ: عُزَيرٌ ابْنُ الله، مِثْلُ ما قالتِ النَّصارَى الْمَسِيحُ ابْنُ الله، فنَسَبُوا الابْنَ إَلَى الله، والله نزَّهَ نفسَه عن الوَلَدِ؛ لأَنَّ الوَلَدَ جُزْءٌ مِن الوَالِدِ، يُشْبِه الوَالِدَ، والله لا شَبِيهَ له سبحانه وتعالى، ولأَنَّ الوالدَ يحتاج إِلَى الولدِ، وأَمَّا اللهُ جل وعلا فهو غنيٌّ عن خلْقه ليس بحاجةٍ إِلَى الولد، ولا غيرِه، لكنَّ اليَهُودَ يقولون على الله البُهْتانَ، وعُزَيْرٌ قِيْلَ: إِنَّه نَبِيٌّ مِن أَنْبياءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وقيل: إِنَّه عبدٌ صالحٌ مِن صالحي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فلمَّا رَأَوْا صلاحَه قالوا: إِنَّه ابْنُ الله، تَعَالَى اللهُ عمَّا يقولون، وهذا مِن الغُلُوِّ في الصَّالحين، وهو يُوصِّل إِلَى الشِّرْك -والعياذ بالله-، ولهذا لا يجوز الغُلُوُّ في الأَشْخاص حتَّى الأَنْبياءِ والملائِكَةِ، لا يجوز الغُلُوُّ فيهم.