×
التعليق المختصر على العقيدة النونية الجزء الأول

هَذَا وَمَا الْقَوْلاَنِ قَطُّ مَقَالةٌ **** مَنْصُورَةٌ فِي مَوضِعٍ وَزَمَانِ

لَكِنْ مَقَالَةُ كَوْنِهِ فَوْقَ الْوَرَى  **** وَالْعَرْشِ وَهْوَ مُبَايِنُ الأَْكْوَانِ

قَدْ طَبَّقَتْ شَرْقَ الْبِلاَدِ وَغَرْبَهَا **** وَغَدَتْ مُقَرَّرَةً لِذِي الأَْذْهَانِ

****

 هذه أَقْوالٌ غريبةٌ، لمْ يَقُلْها إِلاَّ القليلُ، ومع هذا نزَّهَ الله نفسَه عنها، فدلَّ على أَنَّ اللهَ منزَّهٌ عن كلِّ نقْصٍ سواءٌ كان هذا النَّقْص مشتهرًا على الأَلْسِنة، أَوْ كان هذا النَّقْصُ لمْ يَقُلْ به إِلاَّ بعضُ الخلْق، أَوْ كان هذا النَّقصُ لمْ يَقُلْ به أَحَدٌ، فالله منزَّهٌ عن النَّقْص مطلقًا؛ لأَنَّ له الكمالَ المُطْلقَ سبحانه وتعالى.

الآن توصَّل إلى النتيجة: يقول: إِذَا كان الله نزَّهَ نفْسَه عن هذه النَّقائِصِ وأَنْتُمْ تقولون: إِنَّ العُلُوَّ نقْصٌ لأَنَّه يدلُّ على الجهة، والله منزَّهٌ عن الجهة، لأَنَّه إِذَا كان في جهة فهو محتاجٌ إِلَيها، يقول الشيخ: لماذا لم يُنزِّه نفسَه عن العُلُوِّ، إِذَا كان نقْصًا كما تقولون، فكونُه لم يُنزِّهُ نفسَه عن ذلك دليلٌ على اتِّصافِهِ به؛ لأَنَّه كمالٌ، هذا مِن حيثُ العقْل، أَمَّا مِن حيث النَّقل فإِنَّ اللهَ وَصَفَ نفسَه بالعُلُوِّ وبالفَوقيَّةِ كما يَأْتي، لكنْ مِنْ حيث الدَّلالة العقليَّة: إِذَا كان العُلُوُّ والفوقيَّةُ نقصًا عندكم فلِمَاذَا لم يُنزِّه الله نفسَه عنه، مع أَنَّه نزَّهَ نفسَه عن كلِّ نقصٍ حتَّى النَّقْص الذي لمْ يَقُلْ به أَحَدٌ مِن الخلْق، ولا وجدْنا في آيةٍ واحدةٍ أَوْ في حديث عن الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم تنزيهَ الله عن العُلُوِّ وعن الفوقيَّةِ.


الشرح