فَلأَِيِّ شَيْءٍ لَمْ يُنَزِّهْ نَفْسَهُ**** سُبْحَانَهُ فِي
مُحْكَمِ الْقُرْآنِ
عَنْ ذِي الْمَقَالَةِ مَعْ تَفَاقُمِ أَمْرِهَا **** وَظُهُورِهَا فِي
سَائِرِ الأَْدْيَانِِ
بَلْ دَائِمًا يُبْدِي لَنَا إِثْبَاتَهَا **** وَيُعِيْدُه
بِأَدِلَّةِ التِّبْيَانِ
****
وقد اشْتَهَرَ على أَلْسِنة العالَم أَنَّ الله في
العُلُوِّ، ولا يتَّجهون بدُعَائِهم وسُؤَالِهم إِلاَّ إِلَى العُلُوِّ فِطْرةً
فَطَرَهُم اللهُ عليها، فلو كانتْ نقصًا، لِمَاذَا لمْ يُنزِّهِ اللهُ نفسَه عنها؟
كما نزَّه نفسَهُ عن مقالة اليَهُودِ وغيرِهم.
وكلُّ الرِّسالات السَّماويَّةِ تصفُ اللهَ بأَنَّه في
العُلُوِّ، كذلك فِطَرُ النَّاس تتَّجه دائمًا إِلَى العُلُوِّ، لا تتَّجه إِلَى
الشِّمالِ أَوِ اليمينِ أَوِ الأَسْفلِ، وإِنَّما تتَّجه إِلَى العُلُوِّ وتُشِير
إِلَى العُلُوِّ؛ فِطرةً مِن الله فَطَرَ النَّاسَ عليها.
هذا مِنْ حيث الدَّليلِ النَّقْليِّ: وهو أَنَّ القرآنَ مملوءٌ مِن وصْف الله بالعُلُوِّ والفوقيَّةِ والاستواءِ على العرش، كذلك أَحَادِيثُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مُشْتهِرةٌ بوصْف الله بالعُلُوِّ واستوائِه على العرش والفوقيَّةِ، فكيف يكون هذا باطلاً يُنزَّهُ اللهُ عنه كما تقولون؟ إِذَنْ يكون القرآنُ والسُّنَّةُ لم يدُلاَّ على الحقِّ، وإِنَّما دلاَّ النَّاسَ على الباطل بزَعْمِكم ولَيْسَا كتابَا هدايةٍ، وإِنَّما هُمَا كتابَا إِضْلالٍ. وهُمْ كذلك يقولون: إِنَّ القرآنَ مَمْلوءٌ مِن الشِّرْك والتَّضْليلِ لأَنَّهُ يصفُ اللهَ، ويُسمِّي اللهَ بالأَسْماءِ والصِّفاتِ، وهذا يقتضي التَّشْبيهَ، فغُلاَتُهم يُصرِّحون بِهذا.