لاَ سِيَّمَا تِلْكَ الْمَقَالَةِ عِنْدَكُمْ **** مَقْرُوْنَةٌ
بِعِبَادَةِ الأَْوْثَانِ
أَوْ أَنَّهَا كَمَقَالَةٍ لِمُثَلِّثٍ **** عَبْدِ
الصَّلِيبِ الْمُشْرِكِ النَّصْرَانِي
إِذْ كَانَ جِسْمًا كُلُّ مَوصُوفٍ بِهَا **** لَيْسَ الإِْلَهَ
مُنَزِّلَ الْفُرْقَانِ
فَالْعَابِدُوْنَ لِمَنْ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى
**** بِالذَّاتِ
لَيْسُوا عَابِدِي الدَّيَّانِ
****
عندهم الذي يَصِفُ اللهَ بالصِّفات، فإِنَّما يَعْبُدُ
الصَّنَمَ لأَنَّ هذه الصِّفاتِ لا تكون إِلاَّ للمخلوق - تَعَالَى اللهُ عن ذلك -
فعندهم لا تدلُّ الصِّفات على كمالٍ وإِنَّما تدلُّ على نقصٍ، وأَنَّ الذي يعتقدها
فإِنَّه يَعْبُدُ صَنَمًا.
يقولون: إِنَّ إِثْباتَ الصِّفات
يقتضي الشِّرْكَ، كالتَّثْلِيْثِ عند النَّصَارَى، ولهذا يُنزِّهُونَ اللهَ
تَعَالَى عن الأَسْماءِ والصِّفاتِ، وقصدُهم بزَعْمِهم التَّنْزيهُ، لكنْ لمَّا
كان هذا التَّنْزيهُ مبنيًّا على هذا التَّصوُّرِ الفاسدِ صار ضلالاً، ولو كان هذا
التَّنْزيهُ مبنيًّا على دلالة الكتابِ والسُّنَّةِ لكان تنزيهًا حقًّا.
ويقولون: هذه الصِّفاتُ: السَّمْعُ والبَصَرُ واليَدُ والوَجْهُ والعُلُوُّ والاِسْتواءُ والنُّزُولُ، لا تكون إِلاَّ لجِسْمٍ، والأَجْسامُ مُتشابهةٌ، فإثباتُها يدلُّ على التَّشْبيه؛ لأَنَّها لا تكون إِلاَّ لِلأَْجْسام والأَصْنامِ - تَعَالَى اللهُ عمَّا يقولون -.