×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

قولُه: «يتابعهم أَوْ يرى رَأْيَهم على الحقِّ، ولا يدري أَنَّه على الحقِّ أَوْ على الباطلِ، فصار شاكًّا» لا سيَّما وأَنَّ عندهم حُججًا مزورةً وعندهم بلاغةٌ وفصاحةٌ وقوةٌ في الكلام، فهم يحتاجون إِلى عالمٍ ثابتٍ يقاومهم ويَرُدُّ عليهم، مثلُ الإِمامِ أَحْمَدَ، مثلُ شيخِ الإِسْلام ابنِ تَيْمِيَّةَ، مثلُ الأَئِمَّةِ الذي قاموا في وجوههِم وكسَروهم.

قولُه: «فهلك الخلقُ حتى كان أَيَّامُ جَعْفَرٍ الذي يقال له المُتَوَكِّلُ» يعني: استمرَّ هذا الابتلاءُ في عهد المَأْمُون، وعهد أَخِيْهِ المُعْتَصِمُ، وعهد الواثقِ بنِ المُعْتَصِمُ، فلمَّا هلك الواثقُ بُويِعَ أَخُوهُ المُتَوَكِّلُ فنصر السُّنَّةَ، ورفع المِحْنةَ عن أَهْلِ العلم، وجاءَ الفَرَجُ من اللهِ سبحانه وتعالى، فجزاه اللهُ عن الإِسْلام والمسلمين خيرًا، وعزَّز الإِمامَ أَحْمَدَ وأَكْرَمَهُ، - يقال له المُتَوَكِّلُ - أَيْ: المتوكِّل على اللهِ هذا لَقَبُهُ، أَمَّا اسمُه فهو: جَعْفَرُ بنُ الوَاثِقِ.

قولُه: «وطالت أَلْسِنَتُهم» يعني أَهْلُ السُّنَّة، يعني: قَوَوْا على الكلام، اشتدُّوا بالكلام على أَهْلِ البِدَع، انعكس الأَمْرُ.

قولُه: «مع قلَّتِهم وكثرةِ أَهْلِ البِدَع إِلى يومنا هذا» ولكنَّ الباطلَ لا يقاوم الحقَّ أَبدًا، وإِنْ كان الذي على الباطل كثيرٌ، فإِنَّهم لا يقاومون الحقَّ وأَهْلَه، ولو كان الذي عليه قليلٌ، قال تعالى: ﴿كَم مِّن فِئَةٖ قَلِيلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةٗ كَثِيرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ [البقرة: 249]، الإِمامُ أَحْمَدُ فَرْدٌ واحدٌ وانظر ماذا عمل في وجه الزَّحْفِ المُلْحِدِ، ثبّت بنفسه وحدَه حتى أَعزَّ اللهُ به السُّنَّةَ؛ لذلك يُسمَّى «إِمامُ أَهْلِ السُّنَّةِ».


الشرح