×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

 وهُمْ أَهْلُ الحقِّ، فدلَّ على أَنَّ هذا يحتاج إِلى إِيْمانٍ، لكنَّ هدايتَه يضعها فيمن يستحقُّها وهُمْ أَهْلُ الإِيْمان، ومحبَّةِ الحقِّ، فإِنَّ اللهَ يهديهم بإِيْمانِهم ومحبَّتِهم للحقِّ، فدلَّ هذا على أَنَّ الهدايةَ لها سببٌ وهو الإِيْمانُ، ومحبَّةُ الحقِّ، والبحثُ عنه.

قولُه صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ، وَهُمْ ظَاهِرُونَ» ([1]) هذا الحديثُ اشتهر بأَلْفاظٍ ورواياتٍ كثيرةٍ، في لفظ: «لاَ تَزَالُ عِصَابَةٌ»، وهي الجماعةُ، وفي لفظ: «طَائِفَةٌ»، «عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ» أَيْ: منتصرين على غيرِهم، «لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّه تبارك وتعالى » في آخِرِ الزَّمان، يعني قُرْبَ قيامِ السَّاعة حين تُقْبَضُ أَرْواحُ المؤمنين فلا يبقى على الأَرْض مؤمنٌ، ولا يبقى إِلاَّ أَهْلُ الكفر والشِّركِ، ثم تقوم عليهم السَّاعةُ، فالسَّاعةُ لا تقوم على المؤمنين وإِنَّما تقوم على الكفار، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، والَّذِيْنَ يَبْنُونَ الْمَسَاجِدَ عَلَى القُبُورِ» ([2])، هؤُلاءِ هُمْ شِرَارُ النَّاس والعياذُ بالله، فلا تقوم السَّاعةُ على مؤمنٍ، وإِنَّما تقوم على الكفَّار والمشركين.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (8681)، ومسلم رقم (1921).

([2])  أخرجه: أحمد رقم (3844)، وابن حبان رقم (2325)، والبزار رقم (842).