×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

قال المُؤَلِّفُ رحمه الله: ومن عرف ما ترك أَصْحابُ البِدَع من السُّنَّةِ، وما فارقوا فيه فتمسَّك به فهو صاحبُ سُنَّةٍ وصاحبُ جماعةٍ، وحقيقٌ أَنْ يَتْبَعَ وأَنْ يُعانَ وأَنْ يُحْفَظَ وهو ممَّن أَوْصَى به رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. 

**********

قولُه: «فمن زعم ذلك أَوْ قال به فقدْ رَدَّ السُّنَّةَ وخالف الحقَّ والجماعةَ، وأَبَاحَ البِدَعَ وهو أَضرُّ على هذه الأُمَّةِ من إِبْلِيْسَ» الذي يُروِّجُ البِدَعَ ويُزهِّدُ في السُّنَنِ هذا أَضرُّ على الأُمَّة من إِبْلِيْسَ؛ لأَنَّ النَّاسَ يعرفون أَنَّ إِبْلِيْسَ عَدُوٌّ، وأَنَّ اللهَ حذَّرنا منه، لكنَّ هذا لا يدري كثيرٌ من النَّاس أَنَّه عدوٌّ، لأَنَّه متلبِّسٌ بالإِسْلام وبالعلم، ويتظاهر بالخيرِ فهو أَضرُّ من إِبْلِيْسَ المُصرِّحِ بالعداوة؛ ولذلك المنافقون أَخْطرُ على المسلمين من الكفار؛ لأَنَّ الكفارَ معلومٌ أَنَّهم كفارٌ أَمَّا هؤُلاءِ فيتظاهرون بالإِسْلام ويكيدون للمسلمين سرًّا في داخل الجماعة المسلمةِ، فهم أَخْطرُ؛ ولهذا قال اللهُ جل وعلا فيهم: ﴿هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ [المنافقون: 4].

قولُه: «ومن عرف ما ترك أَصْحابُ البِدَع من السُّنَّةِ، وما فارقوا فيه فتمسَّك به فهو صاحبُ سُنَّةٍ وصاحبُ جماعةٍ، وحقيقٌ أَنْ يتبعَ وأَنْ يعانَ وأَنْ يحفظَ وهو ممَّن أَوْصَى به رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم » أَيْ: في قوله: «هُمْ مَنْ كَانُوا عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي» ([1]) أوصى صلى الله عليه وسلم بأَنْ نكونَ معهم، مع هذه الجماعةِ، ومع هذه العصابةِ، ومع هذه الطَّائِفةِ التي هي على ما كان عليه رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وأَصْحابُه،


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2641)، والمروزي في «السنة» رقم (59)، والطبراني في «الكبير» رقم (62).