×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

قال المُؤَلِّفُ رحمه الله: واعلمْ أَنَّ أُصولَ البِدَع أَرْبعةُ أَبْوابٍ: يتشعَّب من هذه الأَرْبعةِ اثنان وسبعون هوى، ثم يصير كلُّ واحدٍ من البِدَع يتشعَّب حتى تصيرَ كلُّها إِلى أَلْفين وثمان مائَةٍ كلُّها ضلالةٌ، وكلُّها في النَّار إِلاَّ واحدةً: وهو من آمن بما في هذا الكتاب، واعتقده من غير ريبةٍ في قلبِه، ولا شكوكٌ، فهو صاحبُ سُّنَّةٍ، وهو النَّاجي إِنْ شاءَ الله. 

**********

 ولكنَّ هذا يحتاج إلى أمرين:

الأَمْرِ الأَوَّلِ: العلمُ؛ بأَنْ نتعلَّمَ ما كان عليه الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم وأَصْحابُه، أَمَّا الجاهلُ فهو لا يعلم هذا، وقد يظنُّ أَنَّ ما عليه المخالفُ هو ما عليه الرَّسُولُ وهو ليس كذلك.

الأَمْرِ الثَّاني: الصَّبْرُ على الثَّبات على ما عليه الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم وأَصْحابُه؛ لأَنَّ من تمسَّك بالسُّنَّةِ سيلقى عنتًا وتعبًا واحتقارًا وازْدِرَاءً أَوْ تهديدًا من النَّاس، لكنْ عليه أَنْ يصبرَ ولا يَتَضَعْضَعُ عن الحقِّ، ولا يُسَاوَمُ عليه، ولا يتنازل عن شيءٍ منه؛ ولهذا جاء أَنَّ القابضَ على دِيْنِه في آخِرِ الزَّمان؛ كالقابضِ على الجَمْرِ، أَوْ خَبْطِ الشَّوْك؛ لمَّا يلقى من المشقَّة من النَّاس، والعنتِ والتعبِ، فيحتاج إِلى صبرٍ.

قولُه: «واعلمْ أَنَّ أُصولَ البِدَع أَرْبعةُ أَبْوابٍ» البِدَعُ: جمع بِدْعَةٍ، والمراد بها ما أُحْدِثَ في الدِّينِ من غير دليلٍ من الكتابِ والسُّنَّةِ؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» ([1])،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2550)، ومسلم رقم (1718).