تُسمَّى القرونُ المفضَّلةُ،
هي أَرْبعةُ قُرُونٍ أَوْ ثلاثةُ قرونٍ أَمَرَنا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
بالاقتداءِ بِهم، واللهُ جل وعلا يقول: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ
ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم
بِإِحۡسَٰنٖ﴾ [التوبة: 100]، القرونُ المفضَّلةُ التَّابعون
وأَتْباعُ التَّابعين، كانوا يتَّبعون السَّابقين الأَوَّلين من المهاجرين
والأَنْصارِ بإِحْسانٍ، يعني: بإِتْقانٍ، الإِحْسانُ المرادُ به الإِتْقانُ الذي
ليس فيه غُلُوٌّ، وليس فيه تساهلٌ، ويكون عن علمٍ بما هُمْ عليه، هذا هو
الإِحْسانُ، فكمْ ممَّن يدَّعي أَنَّه على منهج السَّلف ولكنَّه لا يتبعه
بإِحْسانٍ؛ لأَنَّه لا يعرف منهجَ السَّلف، ويظنُّ أَنَّ هذا الفعلَ أَوْ هذا
القولَ أَنَّه من قول السَّلف، أَوْ فِعْلِهم؛ فلا يكون بإِحْسانٍ، لا بدَّ إِذا
أَردتَ أَنْ تنهجَ منهجَ السَّلف أَنْ تتعلَّمَ طريقتَهم، وهذا الكتابُ من
الكُتُبِ التي تصف لك طريقةَ السَّلَف وتبيِّنها لك.
قولُه: «وعن القَرْنِ الثَّالثِ إِلى القَرْنِ الرَّابعِ» القرونُ التي أَثْنى عليها الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم، وهي ثلاثةُ قرونٍ: الصَّحابةُ، والتَّابعون، وأَتْباعُ التَّابعين، والرَّابعُ مَن بعدَ أَتْباع التَّابعين، وإِذا تأَمَّلتَ وجودَ الأَئِمَّة، ووجودَ الحُفَّاظَ؛ وجدتَهم في هذه القرون: فيها الأَئِمَّةُ الأَرْبعةُ، وفيها من الأَئِمَّةِ الكبار؛ النُّجومُ النَّيِّرَةُ، كلُّهم في هذه القُرُون، وهذا مصداقُ ما أَخْبَرَ به صلى الله عليه وسلم، بقوله: «خَيْرُكُمْ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» ([1]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3450)، ومسلم رقم (2535).