قولُه: «ولا تَهْوِ ولا تُشايِعْ ولا
تُمايِلْ» لا تُشايع أَهْلَ الفتنةِ، وتُؤَيِّدُهم وتُناصرهم وتُدافع عنهم؛
لأَنَّك تُشاركهم إِذا دافعتَ عنهم، وصوَّبْتَ رَأْيَهم، ولو لم تخرجْ معهم،
فإِنَّك تُشاركهم في الإِثْمِ والبَغْيِ والعُدْوَانِ، والآن هناك من يُؤَيِّدُ
أَهْلَ التَّفْجيرات، وأَهْلَ التَّخْريب، ويُسمَّي هذا «جهادًا في سبيل الله» يقتلون في المسلمين والمعاهدين، ويدمِّرون،
ويُروِّعون المسلمين، ويقولون أَوْ يقول من يُؤَيِّدُهم: هذا جهادٌ في سبيل الله،
ويُدافعون عنهم، وهؤُلاءِ مثلُهم في الحُكْم - والعياذُ بالله -؛ لأَنَّهم
أَيَّدُوهُمْ وصوَّبوا رَأْيَهم، فالمسأَلةُ فيها خطرٌ عظيمٌ، فأَنْتَ تُشاركهم
ولو لم تحملْ السِّلاحَ معهم، بسببِ أَنَّك تُؤَيِّدُهُمْ تُصوِّبُ رَأْيَهم، بلْ
أَشدُّ من ذلك أَنَّك تصف عملَهم بالجهادِ في سبيلِ الله!
قولُه: «فإِنَّه يقال: مَن أَحبَّ
فِعَالَ قومٍ- خيرًا أَوْ شرًا - كان كمَنْ عَمَلَهُ» من أَحبَّ فِعَالَ قومٍ
كان كمَن عملَه؛ فإِنْ كان خيرًا فله مثلُ أَجْرِهم، وإِنْ كان شرًّا فلَه مثلُ
وِزْرهم وإِثْمُهم والعياذُ بالله؛ ولهذا جاءَ في الذي يتمنَّى أَنْ يكونَ مثلَ
العالم الذي يُعلِّمُ النَّاسَ الخيرَ أَنَّ له مثلُ أَجْرِه، والذي يتمنَّى أَنْ
يكونَ مثلُ الغنيِّ الذي يُنفق مالَه في سبيل الله، يُعطَى مثلُ أَجْرِه، على حسبِ
نِيَّتِه، وكذلك العكسُ الذي يتمنَّى أَنَّه يكون مثلُ المُجْرِم، مثلُ أَهْلِ
المعاصي يكون شريكًا لهم في الإِثْمِ، أَوْ يُؤَيِّدُ رَأْيَهم ويُصوِّبُه هو
مثلُهم، ولو لم يفعلْ مثلَ فعلِهم، مجرَّدُ أَنَّه صوَّب رَأْيَهم ومالَ معهم.
فليحذرْ الإِنْسانُ أَنْ يهلكَ وهو لا يدري في هذه الفِتَنِ وهذه
الشُّرورِ، لا تتكلَّم إِلاَّ بخيرٍ وإِلاَّ فاسْكُتْ.
الصفحة 5 / 199