وكذلك إِذا صال عليكَ مسلمٌ يريد أَخْذَ مالك، أَوْ يريد قَتْلَك، أَوْ
يريد الفجورَ بأَهْلِك فإِنَّك تدفعه بأَيْسَرِ الأُمورِ وأَسْهَلِها فإِنْ لم
يندفعْ إِلاَّ بالقتلِ فإِنَّك تقتلُه، وقَتْلُه هَدْرٌ، فيحلُّ دمُ المسلم
بالصَّيالة والبَغْيِ، والخروجِ، وقطعِ الطَّريق، هذا الذي يُبِيْحُ دمَ المسلم،
وذلك ليس لكُفْرِه، وإِنَّما دفعًا لشرِّه عن النَّفس أَوْ عن الحُرْمة أَوْ عن
المالِ، حتى المال لا تتركه يأْخذ مالَك، دَافِعْهُ ولو بالقَتْل؛ وكذلك الاعتداءُ
العامُ على المسلمين وعلى أَمْنِهم بقطعِ الطَّريق أَوْ بالبَغْيِ، بالخروج على
المسلمين.
قولُه: «على الدُّنْيا فهو فتنةٌ»
أَيْ: إِذا كان القتالُ بين المسلمين لأَجْلِ الدُّنْيا ليس دفاعًا عن الأَمْنِ،
أَوْ دفاعًا عن حُرْمَةِ المسلمين، أَوْ عن أَمْوالِ المسلمين، وإِنَّما هو
لأَجْلِ سَلْبِ المالِ وأَخْذِ المال، وإِذا تقاتل المسلمان على المال فالقاتلُ
والمقتولُ في النَّار، قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا التَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ
فِي النَّارِ»، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا القَاتِلُ، فَمَا بَالُ
المَقْتُولِ؟» يعني: لماذا المقتولُ يصير بالنَّار؟ قال: «إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ» ([1])، نِيَّتُهُ أَنَّه
يقتل صاحبَه لو تمكَّن، فصار في النَّار - والعياذُ بالله - على نِيَّتِه
واستباحتِه لدَمِ أَخِيه فدخل النَّار.
قولُه: «ولا تخرجْ فيها ولا تقاتل فيها» يعني: في الفِتْنة.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (31)، ومسلم رقم (2888).