الخوفُ من اللهِ، ورجاءُ
رحمةِ الله عز وجل، لا يكون خوفٌ فقط حتى يَقْنُطَ من رحمةِ الله، ولا يكون رجاءٌ
فقط حتى يَأْمَنَ من مكرِ الله، ولا يكون محبَّةٌ فقطْ بدون خوفٍ ورجاءٍ، بل
لابدَّ من الثَّلاثة: خوفٌ، ورجاءٌ ومحبَّةٌ لله عز وجل؛ ولهذا قالوا: «مَن عبدَ اللهَ بالخوفِ فقط فهو خارجيٌّ»
لأَنَّ هذه طريقةُ الخوارج؛ لأَنَّهم أَصْحابُ الوعيد، «ومَن عَبَدَ اللهَ بالرَّجاءِ فقطْ فهو مُرْجِئِ» لأَنَّ هذه طريقةُ
المُرْجِئَة، الذين لا يخافون اللهَ، وإِنَّما يعتمدون على الرَّجاءِ فقطْ، واللهُ
جل وعلا يقول: ﴿أَفَأَمِنُواْ
مَكۡرَ ٱللَّهِۚ فَلَا يَأۡمَنُ مَكۡرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ﴾ [الأعراف: 99]، «ومَن عَبَدَ اللهَ بالمحبَّة فقطْ فهو
صُوفِيٌّ»؛ لأَنَّ الصُّوفيَّةَ يقولون: «لا
نعبد اللهَ طمعًا في جَنَّتِه، ولا نعبده خوفًا من نارِه، وإِنَّما نعبده محبَّةً
له فقطْ»، وهذا ضلالٌ فلا بدَّ أَنْ تعبدَ اللهَ بالخوفِ والرَّجاءِ
والمحبَّةِ.
قولُه: «وطريقُ الخوفِ والحُزْنِ
والشَّفقاتِ والحياءِ من الله تبارك وتعالى » أَيْ: عليك بالحياءِ من الله،
والحياءُ من اللهِ أَنْ لا يراك على معصيته، أَنْت تستحي من المخلوقين أَنْ يروك
على شيءٍ لا يليق، فكيف لا تستحي من الله أَنْ يراك على معصيته، هذا شيءٌ عجيبٌ من
الإِنْسان؛ كما قال الله تعالى: ﴿يَسۡتَخۡفُونَ
مِنَ ٱلنَّاسِ وَلَا يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمۡ إِذۡ
يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرۡضَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡلِۚ﴾ [النساء: 108]،
فعليكَ أَنْ تستحي من الله أَوَّلاً، وتتجنَّبْ معاصيه؛ لأَنَّه يراك.
الصفحة 2 / 199