×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

قال المُؤَلِّفُ رحمه الله: واحْذَرْ أَنْ تجلسَ مع من يدعو إِلى الشَّوق والمحبَّةِ، ومن يخلو مع النِّساءِ وطريقِ المذهب، فإِنَّ هؤُلاءِ كلَّهم على الضَّلالة. 

**********

  قولُه: «واحْذَرْ أَنْ تجلسَ مع من يدعو إِلى الشَّوق والمحبَّةِ» وهُمُ الصُّوفيَّةُ، لمَّا حذَّرك من الجلوس مع علماءِ الكلام، حذَّرك من الجلوس مع فِرْقَةٍ أُخْرَى ضالةٌ وهُمُ الصُّوفيَّةُ الذين يعبدون اللهَ بالبِدَع والمُحْدثاتِ التي ما أَنْزَلَ اللهُ بها من سلطان، ويتركون السُّنَّةَ، بل لا يعبؤون بالحديثِ، ولا يعبؤون بطلب العلم، ويُحذِّرُون من طلب العلم، يقولون: «طلبُ العلمِ يشغلك عن ذِكْرِ الله، يشغلُك عن العبادةِ». وهذا ضلالٌ؛ لأَنَّ العبادةَ لا تصلح، والذِّكْرُ لا يصلح إِلاَّ إذا كان على وَفْقِ الكتابِ والسُّنَّةِ، ولا يكون كذلك إِلاَّ بالعلم؛ ولذلك ضلُّوا - والعياذُ بالله -، زهَّدوا في العلم والتَّعلم، وقالوا للنَّاس: «اشتغلوا بذِكْرِ الله، اشتغلوا بالعبادة» هذا هو عينُ الضَّلال؛ لأَنَّ العبادةَ والذِّكْرَ لا يصحَّان إِلاَّ إِذا كانا على علمٍ صحيحٍ، واتِّباعٌ للرَّسُول صلى الله عليه وسلم، أَمَّا إِذا كانا على غيرِ علمٍ واتِّباعٍ كانا ضلالاً، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ([1])، كيف تعلم أَنَّ هذا عليه أَمْرُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم إِلاَّ بالتَّعُّلم، وقال: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» ([2]) كيف تعلم أَنَّه مُحْدَثٌ إِلاَّ إِذا قابلتَه بسُنَّةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، فلا بدَّ من التَّعلُّمِ أَوَّلاً، ولا تُزهِّدُ في العلم وطلبِ العلمِ،


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1718).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (2550)، ومسلم رقم (1718).