طلبُ العلمِ أَفْضلُ من
نوافلِ العبادات، فالذي يجلس يُذاكر مسأَلةً من العلم أَفْضلُ من الذي يقوم
اللَّيلَ كلَّه، لماذا؟ لأَنَّه يعبد اللهَ على علمٍ وبصيرةٍ؛ ولأَنَّ العالمَ
ينفع نفسَه وينفع غيرَه، أَمَّا العابدُ الذي يُصلِّي اللَّيلَ كلَّه ويصوم
النَّهارَ هذا ينفع نفسَه فقط، ولا ينفع النَّاسَ، فنفعُه قاصرٌ على نفسه، فأَنْتَ
إِذا تعلَّمت نفعتَ نفسَك، ونفعتَ النَّاسَ؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ
كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ» ([1])؛ لأَنَّ القمرَ
ينير الكونَ ويسير عليه الرُّكْبانُ، ويصلح اللهُ به الثِّمارَ، وله منافعُ
عظيمةٌ، أَمَّا الكوكبُ فهو إِنَّما يُنوِّرُ نفسَه فقط، نورُه قاصرٌ عليه، هذا في
العابدِ الذي يعبد اللهَ على حقٍّ فكيف بالعابدِ الذي يعبد اللهَ على جهلٍ، هذا
ربَّما تكون عبادتُه ضلالاً مردودةً عليه، فلا بدَّ من العلم وطلبِ العلم، ولا
يغرَّك هؤُلاءِ الذين يَحُثُّونَ النَّاسَ على الذِّكْر والخروجِ وصلاةِ اللَّيل
والصِّيامِ، ويُزَهِّدُونَ في طلب العلمِ، والجلوسِ في المساجدِ لطلب العلمِ على
العلماءِ.
قولُه: «ومن يَخْلُو مع النِّساءِ»؛ لأَنَّ بعضَ الصُّوفيَّة لا يتورَّعون عن الحرام، يقولون: «نَحْنُ مَا عَلَيْنَا إِثْمٌ، نَحْنُ من العارفين باللهِ» ويستبيحون المعاصي، ويقولون: «نحنُ ما علينا تحريمٌ، وليس علينا واجباتٌ؛ لأَنَّنا وَصَلْنَا إِلى الله، لَسْنَا بحاجةٍ إِلى العبادة»، ولذلك يستعملون اللّواط، ويستعملون الزِّنا، ويستعملون النَّظرَ المحرَّمَ، ويقولون: «ما علينا إِثْمٌ في هذا؛ لأَنَّنا ننظر في آياتِ الله»
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (3641)، والترمذي رقم (2685)، وابن ماجه رقم (223).
الصفحة 2 / 199