زَلۡزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ
شَيۡءٌ عَظِيمٞ﴾ [الحج: 1]، وقال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا
وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ﴾ [فاطر: 5].
فهذا خطابٌ لجميع النَّاس مؤمنِهم وكافرِهم، جِنِّهم وإِنْسِهم، بأَنْ
يُفرِدُوا اللهَ بالعبادة، ولا يعبدوا معه سِواه؛ لأَنَّه لا ربَّ لهم إِلاَّ
اللهُ جل وعلا، والغالبُ على النِّداءَاتِ في السُّوَرِ المكيَّةِ ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ﴾، والغالبُ عليها في
المَدَنِيَّةِ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ﴾، وإِنْ كان قد يُوجَدُ شيءٌ في السُّوَرِ المكيَّةِ
أَوِ السُّوَرِ المَدَنِيَّةِ غيرِ ذلك، لكنَّ العِبْرةَ بالغالب، فهذا النِّداءُ
يدلُّ دلالةً صريحةً على أَنَّ العبادةَ لا تصلح إِلاَّ للهِ سبحانه وتعالى،
واللهُ جل وعلا أَمَرَ بها جميعَ النَّاس، وخَلَقَهم من أَجْلِها، فليس لأَحدٍ
فيها أَيُّ استحقاقٍ لا الملائِكةِ، ولا الأَنْبياءِ ولا الأَوْلياءِ، ولا
الصَّالحين، ولا الجِنِّ، ولا الإِنْسِ، ولا أَيُّ مخلوقٍ، العبادةُ حقٌّ للهِ على
الخلقِ أَجْمعين.
فالدَّعوةُ إِلى عبادةِ الله عامةً، ولكنَّ
الممتثلين لهذه الدَّعْوةِ هُمْ خواصُ العباد، والكثيرُ أَعْرضوا عن عبادةِ الله،
والقليلُ هُمُ الذين أَصْغَوا إِلى هذا النِّداءِ، وهذا الأَمْرِ فامتثلوا أَمْرَ
الله، فهداهم اللهُ جل وعلا لذلك ووفَّقهم، بسبب إِقْبالِهم وإِصْغائِهم لنِدَاءِ
الله، فالسَّببُ من قِبَلِ العبدِ، والتَّوفيقُ من قِبَلِ اللهِ، وتوفيقُ الله
مترتِّبٌ على سببٍ من العبدِ، فإِذا فعل العبدُ السَّببَ فإِنَّ اللهَ يوفِّقُه
ويُيسِّرُه؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّ سَعۡيَكُمۡ لَشَتَّىٰ ٤فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ
٥وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٦فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡيُسۡرَىٰ ٧وَأَمَّا مَنۢ بَخِلَ وَٱسۡتَغۡنَىٰ
٨وَكَذَّبَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٩فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ ١٠﴾ [الليل: 4 - 10]،