×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

فموقفُ المسلم من صحابةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: احترامُهم، والتَّرضِّي عنهم، والاقتداءُ بهم، واتِّباعُهم، والدِّفاعُ عن أَعْراضِهم، هذا هو موقفُ المسلم من صحابةِ رَسُولِ الله، وحبُّهم من حبِّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، فمن كان يحبُّ رَسُولَ الله فليُحِبَّ أَصْحابَه، ومن كان يَبْغُضُ الصَّحابةَ فهو يَبْغُضُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ» ([1]).

وأَمَّا مسأَلةُ ما أَشارَ إِليه الشَّيْخُ رحمه الله من عدمِ الخوضِ فيما جرى بين الصَّحابة؛ فأَفْرادُ الصَّحابة كغيرهم من البَشَرِ يُخْطِئُون، لكن كانت نياتُهم خالصةً، ومقاصدُهم طيِّبةً، وأَهْدافُهم حميدةً لا يشكُّ في هذا من في قلبِه ذرَّةٌ من إِيْمانٍ، ولا يتَّهم أَحدًا منهم، لكن لمَّا جرت الفتنةُ- والفتنةُ ليس لأَحدٍ فيها حِيْلَةٌ، نسأَل اللهَ العافيةَ من الفِتَنِ- لمَّا جرت في عهدِهم بسببِ الخبيثِ اليَهُودِيِّ عَبْدِ اللهِ بنِ سَبَإٍ الذي أَظْهَرَ الإِسْلامَ، ثم جاءَ وجعل يطعن في خليفةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم عُثْمَانَ رضي الله عنه، يطعن فيه، ويجتمع عليه الغَوْغَاءَ من النَّاس، والذين يحبُّون الشَّرَّ، ويحبُّون الفوضى ولا يخلو زمانٌ من أَمْثالِ هؤُلاءِ، النَّاسُ لو وجدوا من يقودهم إِلى الشَّرِّ لاجتمعوا عليه إِلاَّ من رَحِمَ اللهُ، لأَنَّهم يحبُّون الغَوغاءَ والشَّغَبَ والتَّشْوِيْشَ، ويحبُّون الكلامَ في وُلاة الأُمور، يحبُّون إِفْسادَ الأَمْرِ وتفريقَ الكلمة، يوجد هذا في النَّاس، فإِذا وجدوا من يدعو إِلى هذا اجتمعوا عليه، فاجتمع على هذا الخبيثِ مَن اجتمع، وكان المسلمون أُمَّةً واحدةً تحت خليفةٍ واحدٍ هو عُثْمَانُ رضي الله عنه ثالثُ الخلفاءِ الرَّاشدين،


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (3861)، وأحمد رقم (16803)، وابن حبان رقم (7256).