×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

فأَثَّرَ عليهم هذا الخبيثُ، وانتهى الأَمْرُ بقتلِ عُثْمَانَ رضي الله عنه خليفةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وأَمِيْرِ المؤمنين، وثالثِ الخلفاءِ الرَّاشدين، فلما قتلوا عُثْمَانَ؛ انْدَلَعَتِ الفتنةُ بين المسلمين، وغار المسلمون لقتلِ عُثْمَانَ مِن بينِهم، وأَرادوا الانتقامَ ممَّن قتله، فتكوَّنتْ من ذلك وَقْعَةُ الجَمَلِ بين الصَّحابة الذين يريدون القِصاصَ من قتلةِ عُثْمَانَ، وخرجوا من المَدِيْنَةِ، وكانت البَيْعَةُ لأَمِيْرِ المؤمنين عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ بعد عُثْمَانَ رضي الله عنهم جميعًا، كانت البيعةُ لعَلِيٍّ وهو رابعُ الخلفاءِ الرَّاشدين، فطلبوا من عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنْ يقتصَّ من هؤُلاءِ، وتفاوضَ هؤُلاءِ الصَّحابة الذين خرجوا من المَدِيْنَةِ ومعهم أُمُّ المؤمنين عَائِشَةُ تفاوضوا مع عَلِيٍّ رضي الله عنه على أَنْ يُسَلِّمَ هؤُلاءِ القتلةَ، ولكنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه لم يتمكَّنْ من تسليمِهم؛ لأَنَّهم تسلَّلوا في جيشِه وجعلوا يعملون الفتنةَ، وقد بات عَلِيٌّ وإخْوانُه طَلْحَةُ والزُّبَيْرُ وعَائِشَةُ ومن جاءَ من المَدِيْنَةِ باتوا متصالحين، فلما أَحسَّ هؤُلاءِ بالتَّصالُحِ بين صحابةِ رَسُولِ الله وكفِّ القتال، هيَّجوا الفتنةَ، وأَظْهَرُوا الحربَ، تَنَاوَشُوا وصَاحُوا في الجيشِ، وظنَّ الصَّحابةُ أَنَّ الحربَ قامتْ، فدارتِ المعركةُ في وَاقِعَةِ «الجمل» من غيرِ قصدٍ من الصَّحابة، وإِنَّما الذي أَذْكَاهَا هُمْ هؤُلاءِ الذين قتلوا عُثْمَانَ رضي الله عنه، وقُتِلَ مِن الصَّحابة مَن قُتِلَ في هذه الفتنةِ، وهي هذه الواقعةُ، وانتهتْ، ثم قام مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه في الشَّامِ ومعه أَهْلُ الشَّام يطالبون بقتلةِ عُثْمَانَ للقِصاص منهم، ولكنَّ الفِئَةَ الضَّالةَ عملوا المَكْرَ والخِداعَ وإِذْكاءَ الفتنةِ فدارتْ معركةُ «صفين» بين عَلِيٍّ ومُعَاوِيَةَ، وسببُها هؤُلاءِ الغُواةُ والضُّلالُ الذين يُوقدون الفتنةَ بين المسلمين.


الشرح