×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

وانتهى الأَمْرُ بقتلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه؛ قَتَلَهُ الخوارجُ، الذين خرجوا على عُثْمَانَ، أَلْحَقُوا عَلِيًّا به، وقتلوه، ليس قصدُهم العدلَ والإِنْصافَ بل قصدُهم الحِقْدُ والانتقامُ، وأَرادوا قتلَ مُعَاوِيَةَ وعَمْرِو بنِ العَاصِ وعَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، ولكنَّ اللهَ نَجَا مُعَاوِيَةَ وعَمْرَو بنَ العَاصِ ونَفَذَ قدرُ الله في عَلِيٍّ رضي الله عنه، فاستشهد رضي الله عنه.

فالواجبُ على المسلم أَن يكفَّ عن هذه الأُمورِ وأَنْ لا يدخلَ فيها، وأَنْ لا يذكرَها إِلاَّ على وجهِ الاعتذارِ والاستغفارِ لأَصْحابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ويعرف أَنَّهم مجتهدون، منهم مَن أَصَابَ الحقَّ فلَهُ أَجْران، ومِنْهم مَن أَخْطأَ فلَهُ أَجْرٌ، وأَنَّ لهم فضائِلَ عظيمةً تُغطِّي ما قد يحصل مِن بعضهم من الخطإِ؛ لأَنَّهم صحابةُ رَسُولِ الله رضي الله عنهم؛ وكما في الحديث: «أَنَّ اللهَ سبحانه وتعالى اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» ([1]) فهم مغفورٌ لهم على كلِّ حالٍ، المغفرةُ لهم حاصلةٌ لمَن أَصَابَ ومَن أَخْطأَ منهم، لأَنَّ الذي أَخْطأَ منهم ليس عن قصدٍ وإِنَّما هو عن اجتهادٍ، فيجب على المسلم أَنْ لا يدخلَ في هذا أَبدًا، ولا يُخْطِئُ أَحَدًا من أَصْحابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بل يعتذر لهم ويستغفر لهم، ويترحَّم عليهم، فيكون من الذين قال اللهُ جل وعلا فيهم: ﴿وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٞ رَّحِيمٌ [الحشر: 10].


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2845)، ومسلم رقم (2494).