×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

قولُه: «لم يفعلْ هذا الصَّحابةُ ولا العلماءُ إِلى زمانِنا هذا» لم يفعلْ هذا الفعلَ وهو الجلوسُ عن طلبِ الرِّزْقِ والنَّظرِ إِلى ما بأَيْدِي النَّاس أَحدٌ من صحابةِ رَسُولِ الله، وهُمْ أَتْقَى النَّاس بلْ أَعْبد النَّاس لله عز وجل، بل كانوا أَصْحابَ أَعْمالٍ، كان منهم مُزارِعُون، وكان منهم تُجَّارٌ يُتاجِرُون بالبيعِ والشِّراءِ، ومنهم أَبُو بَكْرٍ، ومنهم الزُّبَيْرُ بنُ العَوَّام، ومنهم عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، ومنهم عُثْمَانُ بنُ عَفَّانٍ، أَصْحابُ أَمْوالٍ يبيعون ويشترون، وهُمْ أَفْضلُ الصَّحابة، وكانوا ينفقون في سبيل الله، ويُجهِّزون الجيوشَ من أَمْوالِهم، لم يتركوا طلبَ الرِّزْق، أَبُو بَكْرٍ كان يبيعُ ويشتري ويُساعد رَسُولَ الله مُنْذُ بَعَثَه اللهُ في مَكَّةَ، وهو يساعده من مالِه رضي الله عنه في مواقفِه المشهورةِ، يُطعِمُ المساكين، ويشتري العبيدَ المعذَّبين ويعتقهم كبِلاَلٍ وغيرِه، ما ترك الكسبَ، وقال: أَنَا أَجْلس وأَعْبُدُ اللهَ وأَنَا من أَصْحابِ رَسُولِ الله.

قولُه: «وقال عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه: «كسبٌ فيه بعضُ الدَّنِيَّةِ خيرٌ من الحاجة إِلى النَّاس»» كونُك تَحْتَرِفُ حِرْفةً فيها دَنَاءَةٌ كالحِجامةِ، تأْخذ منها أَجْرًا تُنفقه على نفسِك خيرٌ من سُؤَالِ النَّاس والذِّلَّةِ لهم.


الشرح