هذا حرامٌ بنصِّ
القُرْآنِ، وكذلك تحريم السرقة والغصبِ وأَكْلِ أَمْوالِ النَّاس بالباطل، هذا
حرامٌ بيِّنٌ.
والمُشْتَبِهُ الذي لا يُدرى هل هو حلالٌ أَمْ حرامٌ لتعارض الأَدلَّة فيه،
فهذا تَوَقَّفْ فيه حتى يتبيَّن، هذه هي القاعدةُ التي وَضَعَها رَسُولُ الله صلى
الله عليه وسلم، وهي قاعدةٌ بيِّنةٌ واضحةٌ، وهذا معنى قولِ المُؤَلِّفِ هنا «إِلاَّ ما ظهَر فسادُه».
قولُه: «وإِنْ كان فاسدًا يأخذ من
الفسادِ مَمْسكةُ نفسِه» هذه مسأَلةُ الضَّرورة، إِذا خاف الإِنْسان على نفسِه
الهلاكَ إِنْ لم يَأْكُلْ، فإِنَّه يأْكل ممَّا عنده ما يبقى عليه حياتُه ولو كان
من مالِ غيرِه، ولو كان هذا المالُ حرامًا، لو كان ميْتةٌ أَوْ غيرُ ذلك، يأْكل
منه لأَجْل الضَّرورة؛ لئَلاَّ يموتَ، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا
حَرَّمَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحۡمَ ٱلۡخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ
بِهِۦ لِغَيۡرِ ٱللَّهِۖ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ غَيۡرَ بَاغٖ وَلَا عَادٖ فَلَآ إِثۡمَ
عَلَيۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ﴾ [البقرة: 173]،
فتأْخذ من الحرامِ قدرَ ما يمسكُ عليك حياتَك، ثم تمسك عن الباقي، وقال: ﴿وَقَدۡ فَصَّلَ لَكُم مَّا
حَرَّمَ عَلَيۡكُمۡ إِلَّا مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ إِلَيۡهِۗ﴾ [الأنعام: 119]،
فلا حرامٌ مع ضرورةٍ.
قولُه: «ولا تقول: أَتْرُكُ المكاسبَ
وآخُذُ ما أَعْطوني» بعضُ النَّاس يقول: أَنَا متوكِّلٌ على الله، وأَنَا
سأَجْلِسُ للعبادة ولطلب العلم والنَّاس يعطونني؛ هذا لا يجوز، بل عليكَ أْن تطلبَ
الرِّزْقَ الذي يكفيك ويكفي زوجتَك وأَوْلادَك ومن في بيتِك، عليكَ أَنْ تطلبَ
الرِّزْقَ وهذا من العبادة، فلا تجلس تتحرَّى صدقاتِ النَّاس، بل عليكَ أَنْ تطلبَ
الرِّزْقَ، قال اللهُ جل وعلا: ﴿وَتَزَوَّدُواْ
فَإِنَّ خَيۡرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقۡوَىٰۖ﴾ [البقرة: 197].