×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

ولا يكفي أَنْ يقولَ الإِنْسانُ: ليس عليَّ إِلاَّ نفسي، يصلح في نفسِه، ويترك الآخَرين، بل عليه أَنْ يصلحَ الآخرين ما استطاع؛ لأَنَّ هذا من النَّصيحة ومن إِرادةِ الخيرِ للنَّاس، فكونُك تَأْمُرُ أَخاك بالمعروفِ وتَنْهَاهُ عن المنكر، هذا أَمْرٌ واجبٌ عليك، ومن حقِّه عليك أَيْضًا أَنْ تَأْمُرَهُ بالمعروف إِذا رَأَيْتَ عليه تقصيرًا في الطَّاعة، وتَنْهَاهُ عن المنكر إِذا رَأَيْتَ عليه خطأً يقع فيه، ولا تتركه يهلك وأَنْتَ تَقْدِرُ على تَنْبِيْهِه، وليس كما يقول أَهْلُ النِّفاق وأَهْلُ الشَّرِّ أَنَّ الأَمْرَ بالمعروف والنَّهْيَ عن المنكرِ تدخُّلٌ في أُمور النَّاس، أَوْ وصايةٌ على النَّاس؛ كما يقولونه الآن في الصُّحُف وغيرِها، هذا كلامُ أَهْلِ النِّفاق وأَهْلِ الباطل، أَمَّا أَهْلُ الإِيْمان فيرون أَنَّ هذا من النَّصيحة لإِخْوانِهم ومن إِخْرَاجِهم من الضَّرَرِ إِلى النَّفْعِ، ومن الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ، قال تعالى: ﴿وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ [العصر: 3]، وقال لُقْمَانُ: ﴿يَٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ [لقمان: 17] فهذه الآيةُ مثلُ سورة العصر تمامًا، أَنْ يَأْمُرَ الإِنْسانُ بالمعروف ويَنْهَى عن المنكر، ويَصْبِرُ إِذا ناله شيءٌ في سبيل ذلك؛ لأَنَّه في سبيل الله، وما يناله مُحْتَسَبٌ له عند اللهِ سبحانه وتعالى.

ومعلومٌ أَنَّ كثيرًا من النَّاس يثقُل عليهم أَهْلُ الأَمْرِ بالمعروف والنَّهْيِ عن المنكر، وينالونهم بالكلام عليهم، والغِيْبةِ، والنَّمِيْمَةِ، وسبِّهم وشَتْمِهم، فيصبرون على ذلك؛ لأَنَّهم في سبيل الله، وفي طاعة الله، وفي إِنْقاذِ إِخْوانِهم، ليس من النَّصيحةِ أَنْ تتركَ إِخْوانَك على التَّقْصير في


الشرح