×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

 العبادة، والخَلَلِ في أَمْرِ المنكر، وأَنْتَ تقدر على نصيحتِهم وتَنْبِيههم وتوجيهِهم، هذا من التَّقصير في حقِّهم، وأَنْتَ تريد لهم الخيرَ، وتريد لهم النَّجاةَ، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لأَِخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» ([1]) فإِذا كنتَ تُحبُّ لنفسِك الخيرَ وتحبُّ النَّجاةَ، فلْيَكُنْ أَيْضًا أَخوك مثلَ نفسِك في هذا، أَنْتَ تَأْمُرُهُ وتَنْصَحُهُ لكن بالطَّريقة التي أَرْشَدَ إِليها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في هذا الحديثِ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ» ([2]) إِنْ كان يستطيع أَنْ يُغيِّرَه بيدِه؛ كوَلِيِّ الأَمْرِ أَوْ من فوَّضه وَلِيُّ الأَمْرِ للإِنْكار باليَدِ كرِجال الحِسْبَةِ، فإِنَّه يُغيِّره بيَدِه، ويُزيلُ المنكرَ بيَدِه؛ وكذلك صاحبُ البيت له اليَدُ على من في بيتِه، يُغيِّر المنكرَ بيَدِه في داخل بيتِه؛ لأَنَّه راعٍ على أَهْلِ بيتِه ومَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِه، وقد قال الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ نَارٗا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ [التحريم: 6]، فأَنْتَ مكلَّفٌ بأَهْلِ بيتِك.

أَمَّا إِذا لم يكنْ لك يَدٌ، وليس لك سُلْطةٌ عامةٌ ولا خاصةٌ فإِنَّك تنكر باللِّسان، بأَنْ تبيَّن أَنَّ هذا حرامٌ، وأَنَّ هذه معصيةٌ، وهذا لا يجوز، تبيَّن بالموعظة، بالخُطَبِ، بالدَّرْسِ، بالنَّصيحةِ السِّرِّيَّةِ بينك وبين أَخيك، تبيَّن له، وأَيْضًا تبلغ عنه، إِذا لم تَجِدْ النَّصيحةَ ولم يجد الكلامَ معه فإِنَّك تبلغ من يَقْدِرُ على إِزالةِ المنكر بيَدِه، تُبَلِّغُ رِجَالِ الحِسْبَةِ، تُبَلِّغُ الهَيْئَاتِ، تُبَلِّغُ وَلِيَّ الأَمْرِ، هذا من الإِنْكار باللِّسان.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (13)، ومسلم رقم (45).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (49).