×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

قال المُؤلِّف رحمه الله: ولا تذكُر أحدًا من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن إلا بخير. 

**********

قولُه: «لقول الفُضيْل بنِ عِياضٍ» الفضيلُ بن عياضٍ رحمه الله من أكابر العلماء والعبَّاد والزُّهاد؛ يقول هذه العبارة: «لو كانت لي دعوةٌ مستجابةٌ ما جعلتها إلا في السُّلطان» هذا من النُّصح، عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَِئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» ([1]) ومن النَّصيحة لأئمة المُسْلمين الدُّعاء لهم بالصَّلاح، ومن الغش لهم: الدُّعاء عليهم.

قولُه: «فأُمرْنا أن ندعو لهم بالصَّلاح، ولم نُؤْمر أن ندعُو عليهم وإن جارُوا وظلمُوا» لأن الدُّعاء عليهم دعاءٌ على المُسلمين، لأنه إذا انحلَّ الأمرُ وسقطَ السُّلطان فإنه تُسفك الدماء ويختَلُّ الأمن وينتشر الفساد، وتُعطَّل الحُدود، ففي سقوطِه مفاسدٌ، وفي وقتنا الآن صار من يدعو للسُّلطان مُتَّهمًا بالمُداهنة عند أصحاب الأهْواء من الحِزبِيَّيْن وأتباع الخوارج، فينطبق عليهم قول المُؤلِّف أنَّهم مُخالِفون للسُّنَّة وأصحاب أهواء فليُتَنبَّهْ لهذا.

قولُه: «ولا تذْكُر أحدًا من أُمَّهاتِ المُؤمِنين إلا بخيرٍ» أمَّهات المؤمنين: زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، والله هو الذي سمَّاهُن أمهات المؤمنين في قوله - سبحانه -: ﴿ٱلنَّبِيُّ أَوۡلَىٰ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ مِنۡ أَنفُسِهِمۡۖ وَأَزۡوَٰجُهُۥٓ أُمَّهَٰتُهُمۡۗ [الأحزاب: 6]، والمراد أُمَّهاتهم في القَدْر والاحترام، وحُرْمة نكاحهن بعد الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، ولسْنَ أمَّهاتهم في النَّسب، وإنما في القدْر والاحترام،


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (55).