ولذلك تجدون أهل الأفكار المُنْحرفة لا يَقْربون المساجد ولا يُصلُّون مع
المسلمين، بل بعضهم يحكم ببطلان صلاة المسلمين، فهذه علامة الشَّرِّ، وعلامة
الانحراف وفساد العقيدة والانْشِقَاق، قال تعالى: ﴿وَمَن
يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَتَّبِعۡ غَيۡرَ
سَبِيلِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ
وَسَآءَتۡ مَصِيرًا﴾ [النساء: 115]، فالواجب على المسلم أن يكون مع
المُسْلمين، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّٰدِقِينَ﴾ [التوبة: 119]،
المسلم يكونُ مع المسلمين، ولا يَنْعزل وينفرد، ويكون مع جماعةٍ ينحازون ويُصْبحون
مُنْعزلين عن المسلمين، هذه علامة الهوى والشَّرِّ وفساد الفكر والانْحِراف.
قولُه: «وإذا رأيتَ الرَّجلَ يتهاوَن
بالفرائض في جماعة وإن كان مع السُّلطان، فاعلم أنه صاحبُ هوًى» إذا رأيت
الرَّجل يترك صلاة الجماعة:
فإن كان يتركها مع السُّلطان فهو صاحب هوًى وهو من المعتزلة أو الخوارج
الذين يُكفِّرون ولاةَ المسلمين بالمعصية.
أما إذا كان يعْتزل الجماعةَ مع غير السُّلطان فهذا منافقٌ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ أَثْقَلَ الصَّلَوَاتِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاَةُ الْعِشَاءِ وَصَلاَةُ الْفَجْرِ» ([1]) فعدَّ التَّخلُّف عن الصَّلاة نفاقًا، حتى قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ» ([2])،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (626)، ومسلم رقم (651).
الصفحة 4 / 199