×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

قولُه: «وإذا سمعت الرجل يقول: فلان مُشبِّهٌ، أو فلان يتكلم بالتشبيه، فاعلم أنه جَهْمِيٌّ»؛ لأن الجهمية والمُعْتزَلة والأشاعرة والماتريدية يرون أن إثبات الصفات تشبيه، فيُسمُّون أهل السنة الذين يُثبتون لله الأسماء والصفات بالمُشبِّهة، لأنهم يثبتون الصفات، أو يسمُّونهم مجسمة؛ فهذه إثبات الصفات عندهم يقتضي الجِسْمية لله، والأجسام مُتَشابهة، فهذه مقالاتهم، إذا رأيت من يتفَوَّه بذلك، يقول: فلان مُشبِّهٌ، فلان مجسم؛ فاعلم أنه جَهْميٌّ أو معتزليٌّ أو ممن تتلمذ عليهم من بقية الفرق؛ لأنهم يعتقدون أن إثبات الصِّفات الثابتة لله تشبيه وتجسيم.

قولُه: «وإذا سمعت الرجل يقول: تكلَّم بالتَّوحيد، واشرح لي التَّوحيد. فاعْلم أنه خارجيٌّ معتزليٌّ» لأن التوحيد من أصول المعتزلة، وهو عندهم نفي الصفات، فعندهم أن إثبات الصِّفات شرك، ونفي الصِّفات توحيد، لا تظن أنه يريد التَّوحيدَ الذي هو إفراد الله بالعبادة، ولكن المراد به عنده نفي الصِّفات؛ لأن إثبات الصِّفات عندهم يقتضي الشِّرْك؛ ولهذا يقولون: القرآنُ جاء بالشِّرْك، لأنه يُثْبت الأسماء والصفات لله عز وجل، فهذا قصد الشيخ- رحمه الله - قصده التوحيد الذي هو على مذهب المُعْتزلة، أما التَّوحيد الذي هو على مَذْهب أهل السنة وهو إفراد الله بالعبادة، فإذا طلبت بيان هذا التَّوحيد- الذي هو إفراد الله بالعبادة ونفي الشِّرك- فهذا لا بأس به، بل هو مطلبٌ جليلٌ.


الشرح