×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

قولُه: «أو يقول: فلان مُجَبِّر، أو يتكلم بالإِجْبار، أو يتكلم بالعدل، فاعلم أنه قَدَرِيٌّ» من أصول المُعْتزلة أيضًا العدل، وهو نفي القدر؛ لأنهم يقولون: لو أثبتنا القدر لوصفنا الله بالجَوْر، حيث إنه يُعذِّبْهم على شيءٍ قد قدَّره عليهم، فنقول لهم: الله لم يُعذِّبهم على القدر، وإنما عذَّبهم على أفعالهم، وعلى كُفْرهم وشِرْكهم، لم يعذبهم لأنه قدَّر عليهم، إنما يُعَذِّبهم بأفعالهم وشِرْكهم ومعصيتهم، فالجزاء على الأعمال وليس على القَدَر، فالله لا يُثيب أحدًا؛ لأنه قدر أنه يكون مؤمنًا، حتى يؤمن بالفعل، ويعمل بالإيمان، ولا يُعَذب أحدًا لمجرد أنه قدَّر عليه فعل المَعْصية حتى يفعل المعصية ويفعل سبب العذاب، فالثواب والعقاب مَنُوطان بأفعال العباد، وليسا مَنُوطيْن بالقدر أبدًا، فإذا رأيت من يقول: فلان جبريٌّ، فاعلم أنه معتزليٌّ؛ لأن المُعْتزِلة يقولون: الإنسان حرٌّ يخلق فعل نفسه، وليس مُقدَّرًا عليه شيءٌ، ويقولون: هو الذي فعل هذا بدون أن يُقدِّره الله عليه. ويصفُون من قال: إن أفعال العباد بقدر الله أنه جبريٌّ.

قولُه: «لأن هذه الأسماء مُحْدَثةٌ أحْدَثَها أهل البِدَع» أحْدَثها أهل البدع من: الشيعة، والجهمية، والمعتزلة، أما أهل السُّنَّة فلم يدخلوا في هذه الأمور إلا على مُقتضَى الكِتَاب والسّنة، فأثبتوا الأسماء والصفات لله، أثبتوا القدر وآمنوا به، ولم يقولوا: إنه يلزم عليه الإجبار أو يُلْزم عليه الجَوْر من الله سبحانه وتعالى، ولم يقولوا: إن إثبات الصفات إنه شرك وإنه تشبيه. لم يقل هذا إلا أهل البدع.


الشرح