بل لا يَقْبَلون ما جاءَ
في القُرآن، ولا يَقبلون ما جاءَ في السنَّة مما يُخالف نِحَلَهم وأهواءَهم، فإما
أن يُؤِّولُوه ويُحَرِّفوه، وإما أن يُكذِّبوه.
هذه طَرِيقتهم، يقولُ المُؤلِّف - رحمه الله - فاحذرْ هَؤلاء أن تَجلس
مَعهم؛ لأنهم يُؤثِّرون عليك، وربما تَقْتَنِع بطَرِيقَتِهم فتكُون معهم، فابتعِدْ
عنهم لا تُجَالِس أهلَ البِدَع.
سواءٌ كانتْ بِدَعًا في الاعتقادِ؛ كالجَهْمِيَّة والمُعْتَزِلَة وغَيرهم
من أَهلِ البِدَع، أو بِدَعًا في العِبادة؛ كذلك يَعبدُون اللهَ على جهلٍ وضلالٍ،
ويتزهَّدون ويتعبَّدون، ولكنهم على غَير دليلٍ، وعلى غير هُدًى، وهذا يَنطبقُ على
الصُّوفية ومن وَافَقَهم، ممن هم مُبتدِعة في العِبادة.
أو كَانت بِدعتهم فيما هو دُون ذلك، والبِدَع تَخْتَلف وكُلها شَرّ لا
يُتسَاهَل فيها، ولا يُقال: هذه بِدعة يسيرةٌ، لا يُتساهَل بالبِدَع؛ لأنها
كالشَّرَارَة من النَّار، إذا تُرِكَتْ أَحْرَقَتْ ما حَوْلَها، وإذا بُودِرَتْ
وأُطْفِئَتْ سَلِم الناسُ من شَرِّها البِدَع هكذا.
فعلى المُسلِمين أن يَحذرُوا من المُبتدِعة ولا يُحسِنوا بهم الظَّنّ، أو
يَغْتَرُّوا بما يَظْهَر منهم من بَعض المَظَاهِر، ويقولونَ: هَؤلاء أهلُ عبادةٍ،
هؤلاء أهلُ توبةٍ، هؤلاء يُرقِّقون القلوبَ، هؤلاء أهلُ ذكرٍ. هؤلاء يُتَوِّبُون
العُصَاةَ، كما يُقال في جَماعة التبليغِ، ما دامُوا مُبتدعة صُوفية فلا تغترَّ
بهم.
قولُه: «وإذا رَأيت الرجُل يجلِس مع أهلِ
الأهوَاء فاحذَره» إذا رأيتَ الرجُل يَجلس مع المُبتدعة فاحذَره؛ لأن جُلوسه
معهم دليلٌ على أنه يُحبهم ويَألفهم وربما أثَّروا عليه، والمَرء من جَليسه.