قال
المُؤلِّف رحمه الله: وإذا رأيتَ الرجُل مُجتهدًا في العِبادة مُتَقَشِّفًا مُحتَرِقًا
بالعِبادة صَاحب هوًى، فلا تَجْلِس معه، ولا تَسمعْ كَلامه، ولا تَمْشِ معه في طريقٍ،
فإني لا آمَنُ أن تَسْتَحْلِيَ طريقَه فتَهْلك معه.
**********
فكيفَ بصَاحِب السنَّة المُتَمَسِّك؟
إذا كانتْ مُجالسة صَاحب السنَّة العَاصِي خَير من مُجالسة المُبتدعة، فكيفَ
بمُجالسة صَاحِب السنَّة المُهتدي المتمسِّك؟ هذا هو الجَلِيس الصالحُ.
قولُه: «فإنه ليسَ تَضُرّك معصيَته»
لأن مَعصيته عليه، هذا مِن بَاب المُقارنة، لكن المُبتدع تَضُرّك بِدعته، أما
المَعاصي فلا تَضُرّك مَعصيته.
قولُه: «وإذا رأيتَ الرجُل مُجتهدًا في
العِبادة مُتَقَشِّفًا مُحتَرِقًا بالعِبادة صَاحب هوًى، فلا تَجْلِس معه، ولا
تَسمعْ كَلامه» فلا تَغْتَرّ بكَون المُبتدع يُظهِر التَّنَسُّك والعِبادة
والزُّهد والتَّقَشُّف، ويُصَلِّي بالليلِ ما دامَ أنه عِنده هَوًى وبِدعة فلا
تَتَسَاهَل فيه، ابْتَعِدْ عنه غَاية الابتعادِ، وكما قالَ بعضُ السَّلف: «اقتصادٌ في سُنَّةٍ خَير من اجتهادٍ في
بدعةٍ».
قولُه: «ولا تَمْشِ معه في طَرِيقٍ» هذا عَطْفٌ على ما سبقَ من التحذيرِ من مُصاحَبة المُبتدعة ومُجالسة المبتدِعَة، والرَّسُول حذَّر من هذا، قال: «إِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ» ([1])، «إِيَّاكُمْ» هذا تحذيرٌ، وقال: «شَرُّ الأُْمُورِ مُحْدَثَاتُهَا» ([2]).
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (46)، وأحمد رقم (17144).
الصفحة 1 / 199