فالبِدعةُ شَرٌّ من المَعْصِية، والمُبتدع شَرٌّ من العَاصِي فيَجِب أن
يُتَنَبَّه لهذا الأَمْرِ، «ولا تَمْشِ
معه في طَرِيقٍ»؛ لأنه يؤثِّر عليك ويُدخِل عليك البِدعة، لا سِيَّما وأنتَ
تُحسِن الظنَّ به، لما يَظْهَرُ منه من العِبادة والتَّقَشُّف والزُّهْد، فتَسْرِي
عليك بِدعَته.
فهو خطيرٌ جدًّا؛ كما مثَّل النبيُّ صلى الله عليه وسلم الجليسَ الصالحَ
ببائعِ المِسْكِ، فإما أن يُعطِيك من مِسْكِه، وإما أن تَشْتَرِي منه، وإما أن
تَجِدَ منه رائحةً طيبةً ما دُمْتَ جالسًا عنده، إن لم تَحصُل منه على شيءٍ لا
بالهِبَة ولا بالبيعِ، فإنك تَجِد رائحةَ المِسك وأنت جالسٌ عنده، أما جَلِيس
السُّوء فهو كنَافِخ الكِير، إما أن يَحْرِق ثِيابك، وإما أن تَجِد منه رائحةً
خبيثةً ([1]).
وهذا يَنْطَبِق على جَمَاعَةِ التَّبْلِيغ الذِين قد اغْتَرَّ بهم كثيرٌ من
الناسِ اليومَ نظرًا لما يَظهرُ مِنهم من التعبُّد وتَتْوِيبِ العُصَاة كما
يَقُولون، وشِدّة تَأثِيرهم على من يَصْحَبُهم، ولكن هم يُخرِجون العُصَاة من
المَعصِية إلى البِدعة، والبِدعة شَرّ من المَعصِية، والعَاصِي من أهلِ السنَّة
خيرٌ من العَابِد من أهلِ البِدع، فليُتَنَبَّهْ لذلك، وما قلتُ هذا كراهيةً
للخيرِ الذِي معهم إن كانَ فيهم خيرٌ، وإنما قلتُه كراهيةً للبِدعة فإن البِدعة
تَذْهَبُ بالخَير.
والبِدع التِي عند جَماعة التبليغِ قد ذكرَها من صَحِبَهم ثم تابَ من مُصاحبتهم، وأُلِّفَت كتبٌ كثيرةٌ في التحذيرِ منهم، وبَيَان بِدَعهم.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1995)، ومسلم رقم (2628).