قال
المُؤلِّف رحمه الله: رَأى يُونسُ بن عُبيدٍ ابنَه، وقد خرجَ من عِند صَاحب هوًى، فقالَ:
يا بُنَيّ من أين خَرَجْتَ؟ قال: من عِند عَمْرو بن عُبَيْد، قالَ: يا بُنَيّ، لأن
أَرَاكَ خَرَجْتَ مِن بيت خُنْثَى أَحَبّ إليَّ من أن أراكَ تَخرُج من بيتِ فُلان وفُلان،
ولأَنْ تَلْقَى اللهَ يا بُنَي زانيًا فاسقًا سارقًا خائنًا؛ أحب إليَّ من أن تَلْقَاه
بقَوْل أهلِ الأهواءِ.
ألا
تَرى أن يونسَ بن عُبيدٍ قد علمَ أن الخُنثى لا يُضِلّ ابنَه عن دِينه، وأن صاحبَ البِدعة
يُضِلّه حتى يَكفُر.
**********
قولُه: «رَأى يُونس بن عُبيدٍ ابنَه: وقد
خَرج من عِند صَاحب هوًى، فقالَ: يا بُنَيّ من أينَ خَرجتَ؟ قال: مِن عِند عَمرو
بن عُبيد» عَمْرو بن عُبَيد: هو شَيخ المُعتزلة، قالَ: «يا بُنَيّ، لأَنْ أراكَ خَرَجْتَ من بيتِ خُنْثَى أَحَبّ إليَّ من أن
أراكَ تَخْرُج من بيتِ فُلان وفُلان»: الكَلِمة هذه ليستْ واضحةً «خُنْثَى»، وفي بَعض النُّسَخ «من بَيت هيتي»، فهي غَير واضحةٍ أيضًا.
لكن المَقصود أنك لا تُجالِس أهلَ البِدَع، فلو أنك خَرَجْت من عِند صَاحِب
سنَّة ولكنه عَاصٍ هذا أَسهلُ من أن تَجْلِس إلى صَاحِب بدعةٍ، هذا ما حذَّر منه
يُونس ولدَه؛ لأنه جَلس إلى عَمرو بن عُبيدٍ رَأْس المُعتزلة، فكونه يَجلس عند
مُسلم صاحِب سنَّة ولو كَان عنده نقصٌ في دِينه فإن هذا أسهَل وأَخَفّ ضررًا من
مُجالسته للمبتدِع.
ومن بابِ أَوْلَى التعلُّم، لا تتعلَّم من أهلِ الأهواءِ والبِدَع
والمُحْدَثات، تعلَّم على أهلِ السنَّة، على علماءِ أهلِ السنَّة، عُلماء
العَقِيدة الصحيحَة؛ كما قالَ مُحمَّد بن سِيرِين رحمه الله: «إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ
الصفحة 1 / 199