دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ
دِينَكُمْ» فإذا كانَ مُجَرَّد المُجالسة فيها هذا الخَطَر، فكيفَ بالتعلُّم على
المُبْتَدِعة؟!
قولُه: «ولَأَنْ تَلْقَى اللهَ يا بُنَيّ
زانيًا فاسقًا سارقًا خائنًا؛ أَحَبّ إليَّ من أن تلقاهُ بقَول أهلِ الأهواءِ»
يقولُ لابنِه: كَونك تَمُوت عاصيًا مرتكبًا لكَبيرةٍ دونَ الشِّرك فأنت تَرجُو
الرَّحْمَة، قالَ تَعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ
لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ
وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱفۡتَرَىٰٓ إِثۡمًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 48]،
وحَتى لو عُذِّب صاحبُ الكبيرةِ في النارِ فإن مَآله إلى الجَنَّة، ولا يُخلَّد في
النارِ.
أما صَاحِب البِدعة فإنه قد تَجُرّه بِدعته إلى الكُفر فيكُون من الخَالدين
في النارِ، لأنه أَحْدَث في دِين اللهِ ما ليسَ منه، والعَاصِي لم يَقُل إن
مَعصيته دينٌ، فكَونك تَمُوت على مَعصيةٍ ولو كَبيرة دُون الشركِ أَخَفّ من أن
تَموت على بدعةٍ، هذا الكَلام واضحٌ جدًّا.
قولُه: «ألا ترَى أن يُونس بن عبيدٍ قد
عَلِم أن الخُنْثَى لا يُضِل ابنَه عن دِينه، وأن صَاحب البِدعة يُضِله حتى يكفُر»
هذه هي الحِكمة في كَونه لا يَجْلس إلى المُبتدع، أما أن يَجلس إلى صَاحب سنّة وإن
كان ناقصًا في دِينه وإيمَانه.
فإن الضَّرر الذِي يَحصُل بمُجالسة المُبتدع أشدّ
من الضرَر الذِي يَحصل من مُجالسة صاحِب السنَّة العَاصي، لأن صاحبَ البِدعة يدعوك
إلى البدعة، وإلى مُخالفة الكِتَاب والسُّنة، أما العَاصي فإنه لا يُحَذِّرك من
الكِتَاب والسُّنة، لا يُحذِّرك من اتِّباع السنَّة أبدًا، ففيه فَرْق بين توجيهِ