×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

فبذلك؛ دخلَ الشرُّ على المُسلمينَ عن طَريقِ عُلماء الكَلام والجَدَل والمَنْطِق، الذِين يَعتمدون على قَوَاعِد المَنْطِق وعِلم الكَلاَم، ويَجْعلونها براهينَ وأدلةً، ولا يَعتمدُون على الكِتَاب والسُّنة؛ لأن الكِتَاب والسُّنة بزَعْمِهم لا يفيدانِ اليقينَ، وأما هذه القَواعِد فهي تُفيد اليقينَ عِندهم ويُسَمُّونها «البَراهِين».

قوله: «والجِدال والمِراء والقِياس والمُناظَرة في الدِّين» أمورُ الدينِ لا يجوزُ أن تُجْعَل مَحَلًّا للأَخْذِ والرَّدِّ والجِدال وحُرِّية الرَّأْيِ كما يَقُولون، وأن تخضعَ للصُّحُف والجَرَائِد وتُلاَكُ بها الأَلْسِنَة، لا يجوزُ هذا، لأن أمورَ الدينِ تُحتَرم ويُقتَصَر فيها على ما دَلَّ عليه الكِتَاب والسُّنة ولا يصيرُ فيها جدالٌ أبدًا، هذه هي القاعدةُ والمَنهجُ السليمُ، وهذا مُقتضَى الإيمَان باللهِ ورسُوله؛ ولهذا قالَ جل وعلا: ﴿مَا يُجَٰدِلُ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ [غافر: 4].

الذِين يُجادلون في القُرآن هل هو كَلام اللهِ أو هو كَلام البَشَر: هل يُفيد اليَقِين أو لا يُفيد اليَقِين أو... أو... إلى آخِره، هذا من الجِدال في آياتِ اللهِ عز وجل، يَعني كأنهم لا يَثِقون في آياتِ اللهِ فيُجادلون فيها، أو أحادِيث رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم المَعصُوم الذِي لا ﴿يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ [النجم: 3]؛ كأنها مَحَلّ شكٍّ وأخذٍ ورَدٍّ، وأمورُ الدينِ ليس فيها مُناظرَةٌ بل هي أمورٌ ثابتةٌ، يُسَلَّم لها، وليس فيها شَكٌّ حتى تُطرَح للبحثِ كما يَقولُون.

قولُه: «فإن استماعَك مِنهم وإنْ لم تَقْبل منهم يَقْدَح الشكَّ في القَلب» يَعني: استمَاعك للجِدال في أمورِ الدينِ من هَؤلاء وإن لم 


الشرح