×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

قولُه: «فإن في المُناظرة: المِراء والجِدال والمُغالبة والخُصومة والغَضَب» لذلك لما دخَلَ رجلٌ على الإمامِ مَالكٍ- رحمه الله - وهو في الحَلقةِ، قالَ: إن اللهَ يقولُ: ﴿ٱلرَّحۡمَٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ [طه: 5]، كيفَ اسْتَوَى؟

فأَطْرَقَ مالكٌ رحمه الله برأسِه حتى عَرقَ من الحياءِ من اللهِ عز وجل، ثم رفعَ رأسَه، وقالَ: «الاستواءُ مَعلومٌ، والكَيْفُ مَجهولٌ، والإيمانُ به واجبٌ، والسُّؤالُ عنه بِدعَةٌ، ومَا أَرَاك إلا رَجُلَ فتنةٍ» فأمرَ به فأُخْرِج؛ لأنه لا يَقصدُ الاسترشادَ وإنما يَقصِد التَّشْبِيه على الناسِ ونَفيِ الاستواءِ وتَفسيره بغَيرِ تَفسيرِه الصحيحِ.

قولُه: «ولم يَبلُغنا عن أحدٍ من فُقَهائِنا وعُلَمائِنا أنه ناظرَ أو جادلَ أو خَاصَمَ» أي لم يَفعلْ هذا النَّوْع من المُخاصمة التِي يُراد بها إثارةُ الفِتنة وتَشكيك الناسِ ونَشْر البَلْبَلة، لا أحدَ من الأئمَّة والعُلماء وسَلف هذه الأمةِ دَخلَ هذا المَيْدان.

وإنما يُرشِدُون السائلَ المُسترشِد لا السَّائل المُتعنِّت الذِي لا يُرِيد الفائدةَ وإنما يُرِيد إثارةَ الفِتنة والجِدال، والمُناظرة، والدِّين واضحٌ وللهِ الحمدُ، قالَ تَعالى: ﴿مَا يُجَٰدِلُ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَا يَغۡرُرۡكَ تَقَلُّبُهُمۡ فِي ٱلۡبِلَٰدِ [غافر: 4]، والقرآنُ واضحٌ بَيِّنٌ فليسَ فيه جِدالٌ، نؤمنُ به ونُثبت ما جَاء به، نُؤمن به لفظًا ومعنًى ونَعملُ به كما جاءَ عن اللهِ ورَسوله هذا هو الوَاجِب عَلينا.


الشرح