×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

قال: «لَوْ كُنْتَ مَحْلُوقًا» يَعني: حَلِيق الرأسِ؛ لأن هَذه صِفة الخَوَارِج، هم الذِين يَسألون عن مِثل هذه الأسئلَة، فلو كَانت عَليك عَلامتهم لأَوْجَعْتُك ضَربًا، فهذا السؤالُ من جِنْس أسئلةِ الخَوَارِج؛ لأنهم يَسألون عن أشياءَ ليسوا بحاجةٍ إليها.

قولُه: «لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ» يعني: قَتَلْتُك؛ لأن الخَوَارِج أمرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بقَتلهم، قالَ: «فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، وَلَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ» ([1]) والخِطابُ هذا خِطابٌ لوُلاَة الأمورِ وليس خِطابًا لكُلّ أحدٍ، فلا تَأخُذ معك سِلاحًا وتَقْتُل كُلّ من اتَّهَمْتَه أنه من الخَوَارِج، هذه فَوْضَى، الذِي يقتلُ هو وَلِيّ الأمرِ، وعُمَر هو وَلِيّ الأمرِ رضي الله عنه.

قولُه صلى الله عليه وسلم: «المُؤْمِنُ لاَ يُمَارِي، وَلاَ أَشْفَعُ لِلْمُمَارِي يَوْمَ القِيَامَةِ، فَدَعُوا المِرَاءَ لِقِلَّةِ خَيْرِهِ» المِراء: هو الجِدال بغيرِ فائدةٍ، الذِي يَبعث على التَّشْكِيك، ويُشغِل الوقتَ بغيرِ فائدةٍ، المُمَارَاة والمُجادَلة والمُناظَرة، كُلها بمعنًى واحدٍ، «المُؤْمِنُ لاَ يُمَارِي» أي: من عَلامات المؤمنِ أنه يتجنَّب المُمَارَاة التي لا فائدةَ فيها، «وَلاَ أَشْفَعُ لِلْمُمَارِي يَوْمَ القِيَامَةِ» هذا وَعِيدٌ شَديدٌ للمُمَارِي فيه التحذيرُ من المُمَارَاة، «فَدَعُوا المِرَاءَ لِقِلَّةِ خَيْرِهِ» يقولُ بَعض العُلماء في كُتب العَقائِد المَنظُومة:

فَلاَ مِرَاءَ وَمَا فِي الدِّينِ مِنْ جَدَلٍ **** وَهَلْ يُجَادِلُ إِلاَّ كُلُّ مَنْ كَفَرَ


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3166)، ومسلم رقم (1064).