×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

قولُه: «أَهْوَاء» لأن الذِي حَمَلَهم على الافتراقِ هو الهَوَى، كُل يتَّبع هَوَاه، لو اتَّبعُوا الحَق ما تَشَعَّبُوا إلى ثلاثٍ وسَبعين فِرْقَة، الذِي يتَّبع الحَقّ ما يَتَشَعَّب به الهَوَى، فكُل واحدٍ يركبُ هَوَاهُ، قالَ تَعالى: ﴿فَتَقَطَّعُوٓاْ أَمۡرَهُم بَيۡنَهُمۡ زُبُرٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۢ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ [المؤمنون: 53]، كُل واحدٍ يتَّبع هَوَاه.

والأهواءُ لا تَنْتَهِي ولكن الحَقّ واحدٌ لا يتقسَّم، قالَ تَعالى: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي صِراط وَاحِد ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ [الأنعام: 153]، فالذِي يَخرج عن الصِّراط المُستقيم يقعُ في هذه السُّبُل المُتفرِّقة التي لا نهايةَ لها.

قولُه: «القَدَرِيَّة» وهم الذِين يتكلَّمون في القَدَر، لأن الإيمانَ بالقَدَر هو أحدُ أركانِ الإيمانِ السِّتَّة «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآْخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» ([1]) بأن اللهَ قَدَّرَه وكتبَه في اللوحِ المَحفوظ وشاءَه وأرادَه وأوجدَه سبحانه وتعالى، هذا مذهبُ أهلِ السنةِ والجَماعة، الإيمانُ بالقضاءِ بهذه المَراتِب الأَرْبَع، المُخالفون لهم على فَريقينِ:

الفرقة الأولى: القَدَرِيَّة النُّفَاة الذِين يَنفُون القَدَر، ويَقولُون: كُل واحدٍ يَخلُق فِعل نَفسه، ولم يُقَدِّره اللهُ عليه وإنما هو الذِي فعلَه مُستقِلًّا، وهذا قولُ المُعتزلة ومن وافقَهم.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (8).